92

استقامت

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

ژانرها

ودعا إلى حرب السلطان من حضره ، واستنصر عليه من قدر عليه ونصره ، واجتهد في ذلك وصبر ، ودعا إلى ذلك واستنصر ، وراح في ذلك وبكر ، وأقبل في ذلك وأدبر ، فامده الله بمن مده ، فابلى بهم طاقته وجهده ، فجيش إليهم أنصاره وأعوانه ، إلا من لا عناية له عنه من خاصته واخوانه ، وقعد لهم في مكانه ، وكان السلطان وجنده بنزوى نازلين ، وكان تخلفه عن الحرب عن رأي من بحضرته من إخوانه ، وأهل الشفقة من أعوانه ، ورجاء أن يكون في تخلفه تخلف عن الاسلام وأهله ، وقوة لنصره وعدله ، وكان تخلفه عن الجيش الذي بعثه إلى السلطان بنزوى ، قريبا من المجازة إلى عقبة منح لم يكن عليهم ببعيد ، فاتى الله المقدور ، وما قد علم الله -تبارك وتعالى - أنه تصير إليه تلك الأمور ، فهزموا أنصاره مع ذلك وغلبوا ، وولوا عنه مع ذلك وهربوا ، فانقضت هنالك جماعتهم ، وزالت هنالك رايتهم ، وخرج من هنالك مخذولا مغلوبا خائفا يترقب مطلوبا ، وكان ذلك ضحوة النهار ، فلم يكن عشيا من يومه ذلك حتى انفض عنه جميع من كان معه ، ووقعت الغلبة والاياس ، وأيس مع ذلك من نصرة الناس ، فاستولى السلطان الجائر على جميع عمان من جميع النواحي والبلدان ، وأقبل الناس في المصانعات ، وأقبل إليهم السلطان الجائر بالسخريات والمداهنات ، حتى دانت لهم جميع النواحي ، وهو خائف في رؤوس الجبال والمسافي ، مشفق من السلطان والرعية ، يترقب في كل موضع نزول المنية ، وأن يدهمه عن مرقده من مامنه ببلية ، وأصبح خائفا على نفسه وماله ، هاربا من داره وعياله ، وأصبح جميع أهل المصر قد أمنوا واطمانوا في منارلهم ، وسكنوا وصانعوا سلطانهم وداهنوا ، فلم يكن

له من الاستسلام بدا ، إذ لم يجد إلى غيره سبيلا ولا جهدا ، فطالع في أمره واستشار ، واستشير له ذوي الأبصار ، واتبع في أمره فيما ظهر منه حكم الأبرار ، وأخذ بالرخصة من قول الأخيار .

فصل : ومما لا نعلم فيه اختلافا أن الإمام المدافع يسعه التقية ، إذا خذلته الرعية ، ولم يكن معنا أصح من ذلك الخذلان ، ولا أبين من تلك

صفحه ۱۰۰