وقد أخبر الله تعالى عنهم أنهم احتجوا في ذلك بقوله تعالى {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا} الآية وقد ظن طائفة من المثبتين للقدر أنهم قالوا هذا على سبيل التكذيب بالقدر والاستهزاء به لقوله {كذلك كذب الذين من قبلهم} وبهذا أجاب القدرية لما احتججت عليهم بهذا الآية
وهذا غلط فإن العرب كلهم كانوا يثبتون القدر ويقرون أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه فلم يكونوا مكذبين بذلك ولا ذمهم الله سبحانه على التكذيب بالقدر بل على الاحتجاج به على إبطال الأمر والنهي
وقوله {كذلك كذب الذين من قبلهم} أي كذبوا بالأمر والنهي الذي جاءت به الرسل فإن هذا هو تكذيب الذين من قبلهم الذي ذكر الله في القرآن ولهذا قال {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا} أي فإن المحتج بالقدر لا يحتج به إلا إذا لم يكن عنده علم بل يتبع هواه فإنها حجة متناقضة إذ لو احتج عليه بالقدر لما قبل هو ذلك منه وهذا مبسوط في غير هذا الموضع
صفحه ۳۵۳