وأما استبعاد أنَّ يأمر النبي ﵌ بقراءة الفاتحة بعد نزول الآية فخيال عجيب، أَوَلا يكون ﵌ علمَ أنَّ هذه الآية مُخَصَّصة بقوله تعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ وغيرها.
[ص ٤٠] مع قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: ٨٧]، والمراد بالسبع المثاني والقرآن العظيم: الفاتحة؛ كما في "الصحيح" (^١).
وقوله تعالى في الحديث القدسي المشهور: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ... " الحديث (^٢). فسَّر الصلاة فيه بالفاتحة.
أو علمَ أنَّ المراد بالإنصات ترك رفع الصوت.
فأما الفاتحة فالمأموم مأمور بقراءتها سرًّا؛ لقوله تعالى عقب آية الإنصات: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ﴾ الآية؛ كما يأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى.
وفوق هذا كلِّه لا يمتنع أنَّ الله ﷿ أعلم رسوله بما يفيد تخصيص الآية، ولو لم يدلَّ على ذلك قرآن. والآية مخصصة اتفاقًا فدلالتها على بقية الأفراد ضعيفة؛ حتى قال بعضهم: إنَّ دلالة العام المخصوص على بقية أفراده لا يحتجُّ بها أصلًا، وقال الحنفية: إنَّها دلالة ضعيفة؛ بحيث يرجَّح خبر الواحد عليها.