224

Issues of Faith in the Book of Monotheism from Sahih al-Bukhari

مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري

ژانرها

أما أهل السنة فأدلتهم أكثر من أن تحصر وقدمت شيئا منها. (١) وسأتعرض للمخالفين باختصار أما الجهمية والمعتزلة فانهم يقولون بان القرآن مخلوق وأدلتهم من مفهوم بعض الآيات كقوله تعالى ﴿الله خالق كل شيء﴾ الرعد ١٦ - والقرآن داخل في هذا العموم.
ويرد عليهم بأن عموم (كل) إنما هو بحسب الموضع الذي ترد فيه، فـ (بلقيس) (أوتيت من كل شيء) ولم تؤت ملك سليمان ولا غيره وقد قال الله أيضًا ﴿قل أي شيء اكبر شهادة قل الله﴾ الأنعام ١٩، فسمى الله نفسه شيئًا والمخلوق شيء عندهم والله هو الخالق وليس بمخلوق وصفاته تابعة لذاته والقرآن كلامه وكلامه صفته وصفته غير مخلوقة
وهنا يتضح خطأ المعتزلة في هذا الاستدلال خاصة أنه يناقض أصلهم في أن أفعال العباد عندهم غير مخلوقة فأخرجوها من عموم (كل) في دليلهم وادخلوا صفة الله فبان اضطرابهم.
ثم استدلوا بقوله تعالى ﴿إنا جعلناه قرآنا عربيًا﴾ الزخرف ٣، قالوا والجعل الخلق.
ويرد عليهم بان الجعل يأتي متعدٍ إلى مفعول وإلى مفعولين فهو يستعمل بمعنى خلق إذا تعدى إلى مفعول واحد كقوله تعالى ﴿الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور﴾ الأنعام ١.
وربما تعدى إلى مفعول واحد ولا يكون بمعنى خلق كقوله تعالى: ﴿وجعلوا لله شركاء﴾ الأنعام ١٠٠.
لكن إن تعدى إلى مفعولين فلا يكون بمعنى (خلق) بأي حال كقوله تعالى: ﴿وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا﴾ الأنبياء ٧٣.
ومثله قوله تعالى وهذا استدلال المعتزلة ﴿إنا جعلناه قرآنًا عربيًا﴾ فالمفعول الأول الضمير والثاني) (قرآنًا) والمعنى قلناه قرآنًا عربيًا أو بيناه.
قال الإمام احمد في ذلك (فقد قال الله تعالى ﴿فجعلهم كعصف مأكول﴾ أفخلقهم؟ (٢)
وقد أطال الأئمة في بيان كفر من قال بخلق القرآن، قال الإمام أحمد: من قال القرآن مخلوق فهو عندنا كافر.
وقال حين سئل عمن يقول القرآن مخلوق؟ فقال: كنت لا أكفرهم حتى قرأت آيات من القرآن ﴿من بعد ما جاءك من العلم﴾ البقرة ١٢٠ ﴿بعد الذي جاءك من العلم﴾ آل عمران ٦١، ﴿أنزله بعلمه﴾ النساء ١٦٦، فالقرآن من علم الله ومن زعم أن علم الله مخلوق فهو كافر (٣) وقد عقد الإمام الدارمي فصلا في الرد على الجهمية فقال: باب الاحتجاج في إكفار الجهمية. (٤)
وأما الواقفة: وهم الذين وقفوا فانهم لم يقولوا مخلوق لا غير مخلوق.
قال الدارمي: ومع وقوفهم لم يرضوا حتى نسبوا إلى البدعة من خالفهم سواء من قال القرآن مخلوق أو غير مخلوق (٥)
وأول ظهور هذه المسألة كان في زمن الإمام أحمد وكان إمامهم رجل من أهل العلم يقال له محمد بن شجاع الثلجي (٦) وهو من تلاميذ بشر المريسي وكانوا يسمونه (ترس الجهمية)

(١) انظر اللالكائي ٢/ ٢٤١ وما بعدها ورد الدارمي على بشر المريسي ص ١١٦
والشريعة للآجري ص ٧٥ والفتاوى لابن تيمية ١٢/ ٩٧
(٢) انظر أقوال المعتزلة في المغني للقاضي عبد الجبار ٧/ ٩٤، والاصول الخمسة ٥٧ ص ٥٢٨ - وللرد انظر الرد على الجهمية للامام أحمد ص ١٠٦ وشرح الطحاوية ١٧٨ وما بعدها ففيه التفصيل
(٣) طبقات الحنابلة ١/ ٤١٤
(٤) الرد على الجهمية ٣٤٦ - ٣٥٦
(٥) الرد على الجهمية ص ١٦٧
(٦) محمد بن شجاع الثلجي، من أصحاب أبي حنيفة كان يضع الحديث يُثلِّب على أهل السنة، فيه ميل إلى المعتزلة، (ت ٢٦٦ هـ) الأعلام (٦/ ١٥٧).

1 / 224