ولم يكتف يهوه بذلك مع إصرار الفرعون على موقفه، فعاد يقلب ظواهر الطبيعة بضربته التاسعة:
ثم قال الرب لموسى: مد يدك نحو السماء، ليكون ظلام على أرض مصر، حتى يلمس الظلام، فمد يده نحو السماء، فكان ظلام دامس في كل أرض مصر، ثلاثة أيام، لم يبصر أحد أخاه، ولا قام أحد من مكانه ثلاثة أيام، ولكن جميع بني إسرائيل كان لهم نور في مساكنهم. (خروج، 10: 21-23)
وتبقى الضربة العاشرة، والقاضية، التي ستجبر فرعون على إطلاق شعب الرب، وقبلها يقول لموسى:
ضربة واحدة أيضا بعد ذلك يطلقهم من هنا، «وعندما يطلقهم يطردكم طردا» من هنا بالتمام، تكلم في مسامع الشعب أن يطلب كل رجل من صاحبه، وكل امرأة من صاحبتها، أمتعة فضة وأمتعة ذهب، وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين. (خروج، 11: 1-3)
هنا نعلم أن الإسرائيليين كانوا يقومون وسط المصريين، ولا نعلم كيف أصابت كل تلك الضربات المصريين دون الإسرائيليين، لكن الأهم هنا هو إيعاز الرب لموسى بأن الفرعون - مع الضربة القادمة - سيطلق بني إسرائيل؛ لذلك كان عليهم رجالا ونساء أن يطلبوا من أصدقائهم (أصحابهم) المصريين، ذهبهم وفضتهم، مما يشير في جانب آخر إلى مودة من المصريين للغرباء المقيمين بينهم، مما يجعل التساؤل عن ضرب شعب مصر بكل تلك الضربات ومبرراتها سؤالا مشروعا، أما أن يأمن المصريون للغرباء، ويعطوهم ذهبهم وفضتهم إعارة فذلك يضع أمامنا موقفهم موقفا نبيلا، ويدعو للتشكك في قصة تلك الضربات جميعا من أصلها.
وتأتي الضربة العاشرة، ويهبط يهوه بنفسه ليقتل بيده كل بكر من أبناء مصر:
وقال موسى، هكذا يقول الرب: أني نحو منتصف الليل، أخرج في وسط مصر، فيموت كل بكر في أرض مصر، من بكر الفرعون الجالس على كرسيه، إلى بكر الجارية التي خلف الرحى، وكل بكر بهيمة، ويكون صراخ عظيم في كل أرض مصر. (خروج، 11: 4-6)
ويأمر يهوه شعبه أن يلطخ كل منهم عتبة بيته بدم الخراف، ليميزوها عن بيوت المصريين، قبل وقوع ضربة قتل الأبكار، وأما السبب فهو كي:
يكون لكم الدم علامة على البيوت التي أنتم فيها، فأرى الدم وأعبر عنكم، فلا يكون عليكم ضربة للهلاك حين أضرب كل أرض مصر. (خروج)
هنا تأكيد آخر للتغشي في السكنى للإسرائيليين بين المصريين، وأما الأهم، فهو أن يهوه يعلم هنا أنه سيصاب بلوثة القتل، وأنه لن يميز في تلك الحال بين بيوت جماعته وبين بيوت المصريين إلا إذا رأى دما على البيوت، تلك الدماء التي ستوعز له أنه قد انتهى من أمر سكانه وقتل أبكاره، فيعبر عن تلك البيوت ولا يصيبها، وهو في حالة التخبط في دماء المصريين، وفي تلك الليلة، حيث «كان صراخ عظيم في مصر؛ لأنه لم يكن بيت ليس فيه ميت» (خروج، 12: 30)، تقرر خروج بني إسرائيل، دون عزاء لأصحابهم من مصريين، لكنهم قبل تلك الضربة، التي مارس فيها يهوه نزوته الدموية:
صفحه نامشخص