============================================================
تلك فإذا بأبي رحمه الله عند رأسي يبكي وهو يقرأ سورة "يس.. وهكذا منذ بداية حياته الروحية ، يتجلى ابن عربي مرادا للالهامات ، مكاشفا في رؤاه ومناماته؛ وباختصار يمكننا أن نعرفه بقولنا : إنه يشهد بالرمز عالم الواقع .
ويقول ابن عربي عن والله في الفتوحات ج1 ص 289: " وكان قبل أن يموت [أي والد ابن عربي] بخمسة عشر يوما أخبرن بوته، وانه يموت يوم الأربعاء؛ وكذلك كان . فلما كان يوم موته وكان مريضا شديد المرض، استوى قاعدا غير مستند، وقال لي : يا ولدي! اليوم يكون الرحيل واللقاء . فقلت له : كتب الله سلامتك في سفرك هذا، وبارك لك في لقائك، ذرية بعضها من بعض .. هكذا تعيش مرادة للقرب ، وهكذا تموت راضية بالرحيل، مطمئنة للسلامة، مشتاقة للقاء (بدن. همر بى العام والعفاره: 1 تكور.
كان والد محيي الدين، واسمه علي بن محمد، عري النسب من سلالة حاتم الطائي، أندلسي المولد والنشأة ؛ وكان من أئمة الحديث والفقه والزهد والعبادة، وصديقا لابن رشد الفيلسوف القرطبي ؛ ولم يكن هذا الأب متمرسا بالمنازلات الصوفية وأحوال القوم ومقاماتهم ، فلم يهم بحياة الباطن الصوفية، بل أفرد أعماقه للزهد والتعبد، فظل فير دائرة العباد والزهاد؛ وحيث انه كان عالما بالحديث والفقه، فهو إذن عالم عابد زاهد . وأراد لاينه أن يمشي مثله تماما في ركاب العلماء العباد الزهاد ، فاعتنى بتعليمه وتكوينه العلمي، وكفل له تربية دينية كاملة، فحظي ابن عربي بنشأة علمية فقهية حديثية آدبية انتقل ابن عريي مع آبيه من مسقط رأسه مرسية الى اشبيلية، وله من العمر ثماني سنوات، وفيها نشأ وتعلم ؛ قرأ القرآن الكريم بالسبع في كتاب الكافي على يد أي بكر بن خلف، كبير فقهاء اشبيلية، وبرز في القراءات، وحين أتمها أسلمه والده إلى جلة من رجال الحديث والفقه، فسمع في وقت مبكر من ابن زرقون والحافظ ابن الجد، وأبي الوليد الحضرمي والشيخ أبي الحسن بن نصر(1) (1) دا : " حي الدين بن عربي* طه عبد الباني سرور، ص 15
صفحه ۱۱