اسلام و تمدن بشری

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
93

اسلام و تمدن بشری

الإسلام والحضارة الإنسانية

ژانرها

الفصل الخامس والعشرون

كلام عن الإسلام والعرب في كتابين حديثين1

كتابان من المطبوعات الحديثة قرأت فيهما كلاما عن الإسلام والعرب، وعن تقدير الحضارة العربية.

فتحت أحدهما فوجدت في صدره فصلا مطولا بعنوان: «إسلام القرن العشرين»، فخطر لي أن المؤلف يتكلم عن تطور الإسلام في هذا القرن ويشرح آراء المجددين المصلحين من أئمته أو عادات المسلمين المعاصرين، مع المقابلة بينها وبين عادات المسلمين في القرون التي سبقت القرن العشرين.

ولكنني لم أقرأ من الفصل بضعة أسطر حتى ظهر لي أن المؤلف إنما يتكلم عن الشيوعية الماركسية ويحذر العالم الغربي من أخطارها؛ لأنها - كما يقول - غزوة جديدة تهدده في كيانه كما هدده الإسلام في القرن السابع للميلاد!

وإنه لتضمين من المؤلف أوضح وأبلغ من التصريح، لأنه يعلن رأيه ورأي قرائه المقصودين في موقفهم من الإسلام، ويبين لنا أن هناك قوما من بني جلدته يحسون أن اسم الإسلام نذير بالخطر يكفي أن يذكر لهم ليدركوا أنهم مهددون بما يوقظ النائم وينبه الغافل ولا يحتاج إلى نذير.

وفرغت من الفصل فلم أجد فيه وجها من وجوه المشابهة غير أن الإسلام دعوة والشيوعية دعوة، أو هي كما سماها «دين دنيوي» يقوم على عقيدة «إيمانية» تجري مع الشعور ولا تجري مع المنطق والمعرفة البرهانية، وهذا كل ما هنالك من مشابهة بين النذيرين!

وقد زعم المؤلف أن خطة ستالين في «تشييع» القارة الآسيوية أو إكراهها على قبول الشيوعية ليست إلا تكرارا لخطط القادة الآسيويين أمثال محمود الغزنوي وطغرل بك وألب أرسلان، وأن هذه الخطط جميعا تعتمد على سلاح الدولة وسلاح العقيدة وتتخذ العقيدة أحيانا وسيلة لقلب الدولة كما تتخذ الدولة أحيانا وسيلة لقلب العقيدة.

لكن ما هو وجه الشبه بين دعوة تصحح المجتمع أو تعالج أدواءه وبين دعوة تهدم المجتمع ولا تبقي منه بقية تربط بين حاضره وماضيه؟

وما هو وجه الشبه بين دعوة تحصي عدد الضحايا من أعدائها ومقاوميها فلا يزيد على بضعة ألوف في مائة سنة، وبين دعوة تحصي عدد ضحاياها في موطنها وحده فيزيد على عشرين مليونا في بضع سنوات؟

صفحه نامشخص