اسلام شریک: مطالعات درباره اسلام و مسلمانان
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
ژانرها
يجب أن يكون التنظيم دوليا أو بالأحرى متجاوزا للحدود القومية. والواقع أن هذا لا يمثل من الناحية النظرية أي مشكلة؛ لأن الإسلام لا يعترف بوجود أي حدود أو حواجز قومية بين المؤمنين. ولكن المشكلة الكبرى، من الناحية العملية، هي كيفية تجميع مسلمين أتراك، وأكراد، وإيرانيين، وعرب من مختلف البلاد العربية مع مسلمين ألمان في تنظيم واحد، فمجرد اختلاف اللغة يمثل عائقا لا يستهان به في سبيل التفاهم بينهم، هذا إذا تغاضينا عن أن الناس في كل مكان قد تعلموا على الدوام أن يحددوا هوياتهم من خلال انتمائهم لأوطان معينة، وأن يضعوا مصالحهم في إطارات وطنية أو قومية. ولما كان الدين الإسلامي بطبيعته دينا عالميا، فلن يتعذر إيجاد أشكال عملية وعادلة لإطار دولي يضم في داخله جميع الأطراف. (2)
يجب أن يكون التنظيم متسامحا، وذلك بمعنى أن يجعل التجاور والتعاون بين التصورات والاتجاهات والمذاهب الإسلامية المختلفة أمرا ممكنا. ربما كان هذا على المستوى النظري أمرا عسيرا، فالمؤمن الواثق من إيمانه يميل على الدوام إلى الاعتقاد بأن تصوره عن الدين هو وحده التصور الصحيح، وأن التصورات المختلفة عنه باطلة. وتوجد في صميم الجوهر الخاص بالأديان حدود يعتبر كل من يتخطاها منفصلا عن جماعته الدينية، والمسلمون وحدهم هم القادرون على تعيين هذه الحدود التي لا يجوز للمسلم أن يتعداها. ولكن العظمة التاريخية للإسلام ترتكز إلى حد كبير على توسيعه لهذه الحدود إلى أقصى درجة ممكنة وضم مختلف الاتجاهات والتصورات والمذاهب داخل إطاره الرحب. وربما لا ترجع عبارة «اختلافهم رحمة» إلى النبي عليه السلام نفسه، ولكنها تعبر عن الروح الحقيقية السمحة للإسلام. ولهذا ينبغي على جميع المسلمين على اختلاف اتجاهاتهم ومذاهبهم أن يتقبلوا بعضهم بعضا، ويتناقشوا بعضهم مع بعض، ويشتركوا معا في التعبير عن مصالحهم. وفي اعتقادي أن المسلمين من الألمان ستقع عليهم مسئولية كبيرة وسيؤدون دورا رئيسيا داخل التنظيم الذي يناط به تحقيق المهام السابقة. ولا أقصد بطبيعة الحال أن يقوم هؤلاء المسلمون الألمان بإضفاء الطابع «الجرماني» على التنظيم المقترح، وإنما أقصد أنهم سيكونون مؤهلين للقيام بدور الوسيط بين الدولة الألمانية والرأي العام الألماني من ناحية، وبين الجماعة الإسلامية من ناحية أخرى، وربما أمكنهم أيضا أن يتوسطوا بين الاتجاهات والمذاهب المختلفة لإخوانهم في العقيدة والإيمان. وأخيرا فإن لهم دورا خاصا في تعليم الدين الإسلامي بالمدارس باللغة الألمانية، وتأهيل المعلمين الأكفاء للقيام بهذه المهمة الجليلة. وينبغي على المؤمنين بديانتي التوحيد الأخريين أن يقفوا مع المسلمين في كل هذه الأمور ويمدوهم بالرأي والعون. ولعل إبداء الرأي والمشورة هو الأهم في هذا السياق. فلا ينتظر من أحد أن يقدم للمسلمين وصفة خاصة من عنده تضمن لهم النجاح الأكيد (لا ننسى أن المسيحية قد انتظمت في كنائس عديدة، وأن في اليهودية اتجاهات مختلفة ذات تنظيمات متباينة) ولكن المأمول أن ينتفع المسلمون من معرفة التجارب التاريخية التي مر بها المسيحيون واليهود، ومن متابعة المناقشات التي تدور في هذه الأيام بين المسيحيين واليهود واستخلاص الدروس المفيدة منها.
الفصل الثامن
الذين آمنوا ولم يهاجروا ... البدو كجماعة
هامشية في المجتمع الإسلامي1
(1986م) «حارب الإسلام النزعة القبلية لدى البدو الأعراب، وطالب المؤمنين، على المستوى الفكري، بالخضوع لأوامر الإله الواحد.»
شتيبات
من بين الفريقين اللذين تكونت منهما الجماعة الإسلامية في المدينة، نجد تعريفا واضحا للأنصار بأنهم سكان المكان الذي وقف أهله مع الرسول
صلى الله عليه وسلم
وساندوه. أما الفريق الآخر، وهم المهاجرون، فقد كان يتألف من أصحابه في الهجرة من مكة إلى المدينة. ولكن المشتركين في الهجرة المبكرة إلى الحبشة ينبغي أيضا أن يحسبوا من المهاجرين. وقد سمح بعد ذلك للمؤمنين الجدد بأن ينضموا لفريق المهاجرين، وإن لم يشترط فيهم جميعا القيام بالهجرة من «دار الشرك» إلى دار الإسلام؛ إذ عرف بعضهم باسم المهاجرين مع السماح لهم بالبقاء حيث كانوا يعيشون. وهكذا نجد أن كلمة «مهاجر» أو «مهاجري» أصبحت صفة لوضع قانوني، بعد أن كانت مجرد وصف تاريخي.
صفحه نامشخص