اسلام در قرن بیستم: حال و آینده
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
ژانرها
وكان القرن التاسع عشر - كما أسلفنا - بمثابة الأزمة النفسية التي تصاحب سن الرشد في بواكير الشباب، فحدثت فيه نكبة الاحتلال الأجنبي، وحدثت فيه قبل الاحتلال وبعده نهضة الحرية في وجه الدولة صاحبة السيادة وهي الدولة العثمانية، وفي وجه حكام مصر وهم سلالة محمد علي، وفي وجه السيطرة الفعلية وهي سيطرة المستعمرين، ويحسن بالمؤرخ الذي يعنيه الاستقصاء في النهضات الفكرية على الخصوص أن يقرر في ثقة ويقين أن العصبية العمياء لم تكن قط عاملا فعالا في حوادث مصر الهامة. فقد كان شعور مصر إسلاميا كلما أحس العصبية من الغرب في عدائه للأمم الإسلامية، ولكن الهتاف بالسخط على «العثمانلي» كان على لسان الخاصة والعامة، يدل عليه أن جماهير العامة كانت تنادي في أواخر أيام المماليك مستنجدة بالمتولي لهلاك العثمانلي، وكان هتافها الذي لا يعقل أن يصدر من غير العامة «يا متولي يا متولى. تخرب بيت العثمانلي»، وبعضهم يتعلم ويتخرج فيستبدل المتجلي بالمتولى، وهو وما جرى مجراه مسطور في تواريخ مصر بأقلام المصريين والأجانب، وأقلام المسلمين وغير المسلمين.
أما الخاصة: فمنهم الحزب السياسي الذي نادى «بمصر للمصريين» قبل نهاية القرن التاسع عشر بعشرين سنة، وعلى رأسهم الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده أستاذ رجال الدين من المصلحين، وأحد أصدقائه وتلاميذه سعد زغلول قائد الثورة بعد الحرب العالمية الأولى، وكان وكيلا للهيئة النيابية التي تألفت في أوائل القرن العشرين باسم «الجمعية التشريعية» وأثبتت أن الجماعات النيابية تنال منزلتها ومقدرتها على قيادة الأمم بفضل من فيها من الأعضاء لا بمقدار ما لها من الحقوق في النصوص والأحكام.
البلاد العربية
ومن تاريخ الإصلاح الإسلامي في جزيرة العرب يبدو أن الإصلاح في العالم الإسلامي يخلق حيث توافرت دواعيه على حسب البيئة. فهو سابق في المجتمعات التي تدور فيها المعيشة على بساطة البداوة وما شابهها، وهو كذلك سابق في المجتمعات الحضرية التي تشعبت جوانبها، وتركبت عناصرها، فلا يصلح لها ما يصلح للبداوة، وكل ما هنالك أن الإصلاح فيها يتأخر به الزمن؛ لأنه يستلزم من الدواعي العلمية والاجتماعية ما لم يكن لزاما في البيئات البدوية.
فالنهضة في مصر بدأت عند أوائل القرن التاسع عشر، ولكنها بدأت في الجزيرة العربية قبل ذلك بنحو ستين سنة بالدعوة الوهابية التي تنسب إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وبدأت نحو هذا الوقت في اليمن بدعوة الإمام الشوكاني صاحب كتاب «نيل الأوطار»، وكلاهما ينادي بالإصلاح على نهج واحد: وهو العود إلى السنن القديم ورفض البدع والمستحدثات في غير هوادة، وإنما تسامع الناس بحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وظلت الدعوة الشوكانية مقصورة على قراءة كتب الفقه والحديث؛ لأن الوهابيين هدموا القباب والأضرحة في الحجاز، واصطدموا بجنود الدولة العثمانية في إبان حربها مع الدول الأوروبية التي اتفقت على تقسيمها، ومثل هذا الاصطدام قد أودى بدولة علي بك الكبير في مصر، فانتقض عليه أعوانه، وتمكن منه حساده بعد محالفته لروسيا في حرب الخلافة الإسلامية.
ولم تذهب صيحة ابن عبد الوهاب عبثا في الجزيرة العربية، ولا في أرجاء العالم الإسلامي من مشرقه إلى مغربه، فقد تبعه كثير من الحجاج وزوار الحجار، وسرت تعاليمه إلى الهند والعراق والسودان وغيرها من الأقطار النائية، وأعجب المسلمين أن سمعوا أن علة الهزائم التي تعاقبت عليهم إنما هي في ترك الدين لا في الدين نفسه، وأنهم خلقاء أن يستجدوا ما فاتهم من القوة والمنعة باجتناب البدع، والعودة إلى دين السلف الصالح في جوهره ولبابه.
أما سياسة الاستعمار: فلم يفتها في هذه المرحلة أن تستغل التمرد على الدولة العثمانية كما تستغل التنازع بين أمراء الجزيرة في داخلها وعلى شواطئها، فسارعت بريطانيا العظمى إلى التعاقد مع أمراء الشواطئ على نوع من الحماية الخفية، وأحكمت عقودها هذه بعد فتح قناة السويس، ومد السكك الحديدية إلى العراق، فلم ينقض القرن التاسع عشر حتى كانت قد أحاطت الجزيرة العربية بحلقات من هذه الإمارات التي تخضع لها، وتعمل لها في السر ما لا تستطيعه في العلانية.
الهلال الخصيب
والهلال الخصيب وسط بين مصر والجزيرة العربية في نهضة الإصلاح الديني ومجاراة الحضارة الحديثة، فالمسلمون في بلاد الهلال الخصيب يشعرون بالحاجة إلى التغيير، ولكنهم لا يلتمسونه في بساطة القديم، ولا تتوافر لهم الوسائل لالتماسه في العلوم الحديثة، وتقيدت أحوالهم بأحوال الدولة التركية، فتعلم منهم من تعلم في المدارس التركية، وقدم بعضهم إلى الجامع الأزهر بمصر أو تلقى العلم على منهاجه من علماء بلده.
ولما تسابقت الدول الغربية إلى فتح المدارس في لبنان وسورية لم يقبل عليها المسلمون؛ لاعتقادهم أن التعليم فيها وسيلة للتبشير، وهو أمر لا يخفيه رؤساء تلك المدارس بعد انقضاء جيلين على افتتاحها، ومنهم رئيس جامعة كبيرة يقول: إن التعليم خير الوسائل في التبشير والتنصير.
صفحه نامشخص