وكان الذي حدانا على إنشاء هذا الكتاب، أن قومًا ممن يطعن على اللسان العربي وينسب أهله إلى التسمية بما لا أصل له في لغتهم، وإلى ادعاء ما لم يقع عليه اصطلاح من أوليتهم، وعدوا أسماء جهلوا اشتقاقها ولم ينقذ علمهم في الفحص عنها، فعارضوا بالإنكار واحتجوا بما ذكره الخليل بزعمهم: أنه سألَ أبا الدُّقيش: ما الدُّقيش؟ فقال: لا أدري إنما هي أسماء نسمعها ولا نعرفُ معانيهَا وهذا غلط على الخليل، وادعاء على أبي الدقيش، وكيف يَغبَى على أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد نصر الله وجهه مثل هذا وقد سمع العرب سمَّت: دَقْشًا ودُقَيشا ودَنقْشَا، فجاءوا به مكبَّراَ ومحقرًا، ومعدولًا من بنات الثلاثة إلى بنات الأربعة بالنون الزائدة. والدَّقش معروف وسنذكره في جملة الأسماء التي عَمُوا عن معرفتها، ونُفرد لها بابًا في آخر كتابنا هذا، وبالله العصمة من الزَّيغ، والتوفيق للصواب.
وأخبرنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: قيل للعتبي: ما بال العرب سمت أبناءها بالأسماء المستشنعة، وسمت عبيدها بالأسماء المستحسنة؟ فقال: لأنها سمت أبناءها لأعدائها، وسمت عبيدها لأنفسها.
وقد أجاب العُتبي بجملة كافية، ولكنها محتاجة إلى شرح يوضحها الاشتقاقُ، وسنتي على ذلك إن شاء الله.
فابتدأنا هذا الكتاب باشتقاق اسم نبينا ﷺ، إذ كان المقدم في الملأ الأعلى؛ ثم باشتقاق أسماء آبائه إلى معد بن عدنان حيث انتهى ﷺ بنسبة ثم قال: " كذب النسَّابون "، يقول الله ﷿: " وقُرُونًا بَيْنَ
1 / 4