اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

ابن عزیر سجستانی d. 330 AH
91

اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة

ژانرها

الأمة : الأمة أصلها الجماعة من الناس والدواب ، وغير ذلك ، إذا كانوا صنفا واحدا يقال : هذه أمة من الناس ، وأمة من الدواب ، وأمة من الطير ، أي أصنافا ، وقيل في تأويل قوله تعالى : [ وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه / إلا أمم أمثالكم ] (¬7) أي أصنافا ، كل صنف من الدواب والطير مثل بني آدم 60أ في طلب الرزق والغذاء ، وتوقي المهالك ، والتماس النسل، وقيل أمم أمثالكم في الدين ، يعبد ويسبح ، وذهبوا إلى قوله : [ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ] (¬1) إلى قوله : [ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون] (¬2) وقال أبو عبيدة (¬3) في قوله : [وادكر بعد أمة] (¬4) أي بعد حين ، وقيل : بعد سبع سنين ، وقرئ [ بعد أمه ] (¬5) أي بعد نسيان ، وقيل الأمة القرن بعد القرن ، وقيل في تفسير قوله : [ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة] (¬6) يعني لسنين معدودة ، وفي قوله : [كان الناس أمة واحدة] (¬7) قال آدم وحده ، في قولنا : [إنا وجدنا آباءنا على أمة] (¬8) أي على دين ، والأمة تنصرف على معان ، فالأمة الجماعة ، والأمة القدوة ، والإمام والأمة القرن ، والأمة الحين ، والأمة الدين والحال الحسنة ، والأمة الملة ، وكل ذلك قد جاء عن العلماء ، وأصله اجتماع على الشيء على حال واحدة ، وإنما قيل أمة محمد ، وأمة عيسى ، وأمة موسى لأنهم قوم اجتمعوا على ملته ودينه على حال واحدة ، وملة واحدة ، وكان اجتماعهم في قرنه ، وعلى عهده ، وفي دهره ، فقيل للجماعة أمة ، وللحال أمة ، وللملة أمة وللقرن أمة ، وقيل للرجل الواحد أمة / لاجتماع الناس إليه في حال الدين ، 60 ب وسمي بذلك لما يجتمع فيه من الخصال المتفرقة ، في كثير من الناس من العلم والعقل والدين والخوف والشجاعة ، وغير ذلك ، فلما اجتمعت فيه قيل له أمة لأنه قام مقام جماعة من الناس 0 الفطرة : قال الله تعالى : [فطرة الله التي فطر الناس عليها] (¬1) والفطرة في لغة العرب هو الابتداء ، يقال : فطر ناب البعير إذا بدا أو ظهر وانشق عنه اللحم ، وقال ابن عباس : كنت لا أدري ما فاطر السموات حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها (¬2) ، يعني أنا ابتدأتها ، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال : ( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبوه يهودانه وينصرانه ) (¬3) ، فقيل في تفسير الفطرة هاهنا الإقرار بالله ، وهو الميثاق الذي أخذ عليهم حين أخرجهم من ظهر آدم أمثال الذر ، [ وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ] (¬4) ، فالناس جميعا وإن اختلفوا في أديانهم ونحلهم عالمون بأن الله خلقهم ، والفطرة إبداء الخلق ، ومنه قوله : [الحمد لله فاطر السماوات] (¬5) أي مبتدئها ، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال : ( عشر من الفطرة : المضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وقص الشارب ، وإعفاء اللحية ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر ، وحلق العانة ، وغسل البراجم ، والختان ) (¬6) وقيل في / خبر آخر: ( فطر عليهن إبراهيم وهو لنا سنة ) وروي61 أعن النبي عليه السلام أنه وقت في هذه الأشياء أربعين يوما في أخذ الشارب ، وتقليم الأظافر ، ونتف الإبط ، وحلق العانة (¬7) ، فهذا الوقت غاية لهذه الأشياء ، لا ينبغي لمسلم أن يجاوزه ، فإن طهرها قبل الأربعين جاز، وقيل لهذه الخصال فطرة ، لأن الإنسان يخرج من بطن أمه طاهرا من هذه الأشياء على الفطرة التي فطر عليها ، وفطوره ظهوره من بطن أمه حين يخرج ، والإنسان مفطور ليس عليه شارب ، ولا لحية ، ولا ظفر ، ولا وسخ في البراجم ، ولا شعر في الإبط والعانة ، ولا أسنان ، فيظهر منه شيء بعد شيء ، حتى يغلظ ويقوى ، فهو يجمع الأوساخ ، والأدناس ، فأمر بالتطهر ؛ ليكون على الفطرة ، أي على الخلقة التي خلق عليها طاهرا من الأدناس 0

الصبغة : قال الله تعالى : [صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة] (¬1) أي دين الله فطرته التي فطر الناس عليها ، ونصبت على الأمر : أي الزموا صبغة الله يعني دينه وسنته ، وقيل : طهرة الله ، وقيل : صبغة الله : الإسلام 0

العزيمة : قال الله تعالى : [فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل] (¬2) وقيل : إنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى / ومحمد عليهم السلام ، والعزيمة في اللغة 61 ب هي الصريمة ، والقطيعة ، والأمر الواجب ، والعزم الوجوب والحتم ، يقال : عزمت عليك أن تفعل كذا ، أي حتمت وأوجبت ، قال كثير : " من الطويل "

... ... عزمت عليها أمرها فصرمته وخير عزيمات الأمور صريمها (¬3)

قالوا : العزم هم أصحاب العزائم ، الذين أوتوا الشرائع ، فعزموا على الناس الأخذ بها ، والانقطاع من غيرها ، وكل شريعة عزيمة ؛ لأنه الأمر الحتم الواجب على الناس الأخذ به ، والانقطاع عن غيره 0

الكفر : الكفر في اللغة هو الغطاء والستر ، يقال : كفرت الشيء إذا غطيته وسترته ويقال : الليل كافر لأنه يستر كل شيء بظلمته ، وقال الشاعر : " من الكامل "

صفحه ۱۴۷