اشتقاق اسماء نطق بها القرآن
كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة
ژانرها
التلبية والإهلال : التلبية تفعلة من لبيك ، يقال : لبى فلان إذا قال لبيك ، ومنه يقال : لبى فوك ، يدعو (¬2) له أن يلبي بالحج ، ولبيك مشتق من ألب فلان ، فكان كذا وكذا ، إذا أقام فيه ولزمه ، ومنه الحديث : ( نعوذ بالله من فقر ملب ) / يعني لازم لا ينقطع ، فقول القائل : لبيك أي أنا مقيم على طاعتك وأمرك 108ب ونهيك ، لا أزول عنه ، وقال الفراء : لبيك إجابة لك ، ومنه التلبية بالحج ، إنما هو إجابة لدعاء إبراهيم عليه السلام ، وقال ابن قتيبة : لبيك أرادوا به إقامة بعد إقامة ، وطاعة بعد طاعة ، كما قالوا : حنانيك ربنا ، أي هب لنا رحمة بعد رحمة ، وكما قالوا سعديك ، أي سعدا مقرونا بسعد ، وهذا أحسن ، وأحسن منه أن يكون لبيك معناه أنا مطيع لك عند أمرك ونهيك ، ومقيم على الطاعة في الحالين ، وكذلك سعديك ، أي أرجو السعادة على الحالين جميعا ، أي سعد من أطاع أمرك ونهيك 0 ومعنى أهل فلان بالتلبية إذا رفع صوته بها ، وأظهرها ، ومنه استهل الصبي إذا صاح وبكى حتى يسقط إلى الأرض ، وأصل الإهلال من التكبير ، والتكبير هو أن يقول الرجل : لا إله إلا الله والله أكبر ، فإذا قال ذلك فقد هلل وكبر ، ويفعل الناس ذلك في كثير من أمورهم إذا اجتمعوا فيها عند بشارة ووليمة ، وغير ذلك ، فيرفعون / الصوت به ، فقيل لكل من رفع صوته : قد أهل ، وهلل ، وإن لم 109أ يقل لا إله إلا الله ، ويقال : أهل مأخوذ من الهلال ، لأنهم كانوا يحرمون ، ويلبون إذا رأوا الهلال ، وكذلك يهل يكبر إذا نظر إلى الهلال 0 المناسك والمشاهد والمواسم : المناسك واحدها منسك ، ويقال لها : مشاهد ؛ لأنها يشهدها الناس ، ويحضرونها ، ويجتمعون فيها ، وواحد المشاهد مشهد ، أي مجمع للناس ، وسمي الرجل ناسكا لعبادته ، وتقربه إلى الله بأعماله الصالحة ، وسمي الموضع الذي ينحر فيه منسك ، قال الله تعالى : [ لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ] (¬1) أي يفعلون ذلك عبادة لله ، وقربة إليه ، ويقال : نسك ينسك بالكسر ، والموضع المنسك بالكسر مثل مسجد ، وقال معمر بن المثنى (¬2) في قوله : [ نسكي ومحياي ومماتي ] (¬3) هو مصدر نسكت ، وقربت إلى الله ، وهي النسيكة ، والنسك ، ومواسم جماعات ، وكل مجتمع موسم ، ومنه سمي يوم الموسم لاجتماع الناس فيه ، كأنه أخذ من السمة ، لأن كل شيء قد وسم فقد عرف ، فكأنه /يوم معروف بالاجتماع فيه ، والقربان ما ذبح لوجه الله ؛ لأنه يتقرب به109ب إليه ، وكذلك يقال لكل ما يتقرب به العبد إلى الله قربانا ، وسمي الهدي لأنه يهدى إلى الله تعالى ذكره ، قال الله تعالى : [لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ] (¬4) ، وكان أهل الجاهلية يهدون إلى أصنامهم ، فسموه هديا ، ثم قيل لما يذبح لله هدي، قال الله تعالى : [حتى يبلغ الهدي محله ] (¬5) ، قال ثعلب في قوله : [هديا بالغ الكعبة ] (¬6) إن كان قيمته ما يهدى إلى البيت ، فهو هدي ، وإن كان قيمته درهما (¬7) أو درهمين فهو صدقة ، والبدنة هي الناقة ، ولا يقال ذلك للبقرة ، ولا للشاة ، وسميت بدنة لسمنها ، وعظم جسمها ، لأنه لا يجوز أن يساق منها الصغار ، وإنما يساق منها الثنيان فما فوق ، وجمع البدنة بدن ، قال الله تعالى : [ والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ] (¬1) ، ولا يقال لها بدنة إلا إذا كانت للهدي ، وشعائر الله واحدها شعيرة ، وأصلها من الإشعار ، وقال معمر بن المثنى : الشعائر في كلام العرب الهدايا المشعرة / وهو أن تقلد ، وتجلل وتطعن في شق 110أ سنامها الأيمن بحديدة حتى يخرج الدم ، فإذا أشعرت لم تركب ، ويعلمها بذلك ليعلم أنها هدي ، وأنشد (¬2) : " من الطويل "
نقتلهم جيلا فجيلا نراهم شعائر قربان بهم يتقرب
ويقال : أشعرت الرجل إذا أوهمته بشيء يضمره ، والإشعار الإعلام ، والمشعر الحرام هو العلم الذي بني بين الحدين بالمزدلفة ، وإنما قيل له مشعر أي معلم يعرف به الحد ، والميقات الذي قد وقت للناس ، ويقال : شعرت بالشيء علمته ، وقال أهل التفسير : شعائر الله معناه معالم دينه ، وحدوده ، وقال أبو عمرو : المشعر الحرام هو الجبل وما حوله ، وجمع اسم ذلك المكان سمي جمعا ؛ لأن الناس يجتمعون فيه قبل الإفاضة من جمع ، وبعد الإفاضة من عرفات ، ويقال لذلك المكان المزدلفة ، سمي بذلك لأن الناس يزدلفون فيه ، فيقرب بعضهم من بعض ، ويقال : لأنهم يقربون من منى ، وأصل ازدلف أي قرب ، قال العجاج: " من الرجز "
ناج طواه الأين مما وجفا
طي الليالي زلفا فزلفا
صفحه ۲۳۴