صفحه ۰

الإشارات التنبيهات

صفحه ۱

1 -

صفحه ۰

المنطق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي وفقنا لافتتاح المقال بتحميده وهدانا إلى تصدير الكلام بتمجيده وألهمنا الإقرار بكلمة توحيده

وبعثنا على طلب الحق وتمهيده والصلاة على المصطفين من عبيده خصوصا على محمد وآله المخصوصين بتأييده

وبعد فكما أن أكمل المعارف وأجلها شأنا وأصدق العلوم وأحكمها تبيانا هو المعارف الحقيقية والعلوم اليقينية كذلك أشرف ما ينسب إلى الحقيقة واليقين من جملتها وأولاها بأن توقف الهمة طول العمر على قنيتها هو معرفة أعيان الموجودات المترتبة المبتدئة من موجدها ومبدئها والعلم بأسباب الكائنات المتسلسلة المنتهية إلى غايتها ومنتهاها

وذلك هو الفن الموسوم بالحكمة النظرية التي تستعد باقتنائها النفوس البشرية

وكما أن المتقدمين من الفائزين بها تفضلوا على من بعدهم بالتأسيس والتمهيد كذلك المتأخرون الخائضون فيها قضوا حق من قبلهم بالتلخيص والتجريد

وكما أن الشيخ الرئيس أبا علي الحسين بن عبد الله بن سينا شكر الله سعيه كان من المتأخرين مؤيدا بالنظر الثاقب والحدس الصائب موفقا في تهذيب الكلام وتقريب المرام معتنيا بتمهيد القواعد وتقييد الأوابد مجتهدا في تقرير الفوائد وتجريدها عن الزوائد كذلك كتاب الإشارات والتنبيهات من تصانيفه وكتبه كما وسمه هو به مشتمل على إشارات إلى مطالب هي الأمهات مشحون بتنبيهات على مباحث هي المهمات مملق بجواهر كلها كالفصوص

محتو على كلمات يجري أكثرها مجرى النصوص متضمن لبيانات معجزة في عبارات موجزة وتلويحات رائقة بكلمات شائقة قد استوقفت الهمم العالية على الاكتناه بمعانيه واستقصر الآمال الوافية دون الاطلاع على فحاويه

صفحه ۱۱۱

وقد شرحه فيمن شرحه الفاضل العلامة فخر الدين ملك المتناظرين محمد ابن عمر بن الحسين الخطيب الرازي جزاه الله خيرا

فجهد في تفسير ما خفي منه بأوضح تفسير واجتهد في تعبير ما التبس فيه بأحسن تعبير وسلك في تتبع ما قصد نحوه طريقة الاقتفاء وبلغ في التفتيش عما أودع فيه أقصى مدارج الاستقصاء إلا أنه قد بالغ في الرد على صاحبه أثناء المقال وجاوز في نقض قواعده حد الاعتدال فهو بتلك المساعي لم يزده إلا قدحا ولذلك سمى بعض الظرفاء شرحه جرحا

ومن شرط الشارحين أن يبذلوا النصرة لما قد التزموا شرحه بقدر الإمكان والاستطاعة وأن يذبوا عما قد تكفلوا إيضاحه بما يذب به صاحب تلك الصناعة ليكونوا شارحين غير ناقضين ومفسرين غير معترضين

اللهم إلا إذا عثروا على شيء لا يمكن حمله على وجه صحيح فحينئذ ينبغي أن ينبهوا عليه بتعريض أو تصريح متمسكين بذيل العدل والإنصاف متجنبين عن البغي والاعتساف فإن إلى الله الرجعى وهو أحق بأن يخشى

ولقد سألني بعض أجلة الخلان من الأحبة الخلصان وهو المجلس الرفيع رئيس الدولة وشهاب الملة قدوة الحكماء والأطباء وسيد الأكابر والفضلاء بلغه الله ما يتمناه وأحسن منقلبه ومثواه أن أقرر ما تقرر عندي مع قلة البضاعة وأودع ما قبض عليه يدي مع قصور الباع في الصناعة من معاني الكتاب المذكور ومقاصده وما يقتضي إيضاحه مما هو مبني على مبانيه وقواعده مما تعلمته من المعلمين المعاصرين والأقدمين واستفدته من الشرح الأول المذكور وغيره من الكتب المشهورة واستنبطته بنظري القاصر وفكري الفاتر

وأشير إلى أجوبة بعض ما اعترض به الفاضل الشارح مما ليس في مسائل الكتاب بقادح وأتلقى ما يتوجه منها عليها بالاعتراف مراعيا في ذلك شريطة الإنصاف وأغمض عما لا يجدي بطائل ولا يرجع إلى حاصل

غير ملتزم في جميع ذلك حكاية ألفاظه كما أوردها بل مقتصرا على ذكر المقاصد التي قصدها مخافة الإطناب المؤدي إلى الإسهاب

وفي نيتي إن شاء الله أن أتوجه بحل مشكلات الإشارات بعد أن أتممه وأرجو أن يغفر لي ربي خطيئاتي ويعذرني من يعثر على هفواتي وإني للخطايا لمقترف وبالقصور والعجز لمعترف ومن الله التوفيق وإليه انتهاء الطريق

صدر الكتاب قول الشيخ رحمه الله

صفحه ۱۱۲