ثم إذا لم يكن من قبل الله للقطع على أنه سبحانه قد أزاح العلة بإيجاد الإمام وتمكينه والإعلام والإبانة له عن غيره بالمعجز المطابق ، وبالنص عليه ، وكان تكليفه عليه السلام القيام بما فوض إليه (1) إنما هو مع التمكن من ذلك ، لكونه مشروطا به متوقفا عليه ، وكان تمكينه منه موقوفا على طاعته التي هي مشروطة بمعرفة الأمة له وانقيادهم إليه وتعويلهم عليه ، لكونهم مكلفين بذلك ، قادرين عليه ، مرتهنين به ، وكانت الأمة (2) بين محق أو مبطل ، فالمحق بالنسبة إلى المبطل قليل من كثير ، وجزء من كل ، والمبطل عكسه ، فأي حرج على الإمام في غيبته؟ إذا كان مخافا على نفسه ، مدفوعا عما يجب له من طاعة وغيرها ، ممنوعا من حقه ، ومرتبته لا بأمر من قبل الله أو قبله ، بل بما (3) هو معلوم ، من جهل أكثر الأمة وعنادها وزيغها عن الحق وتشبثها باتباع أهوائها المضلة وآرائها المزلة وهل هو فيها إلا محتاط لنفسه وشيعته غاية الاحتياط ، مرتبط بما يجب له وعليه أحسن الارتباط.
ففوات اللطف العام بظهوره متمكنا (4) لا يعدو إثمه من سببها وأحوج إليها ، وإن كان اللطف الخاص بوجوده ومعرفته وترقبه حاصلا لأوليائه.
هذا مع ما ثبت من أنه تعالى كما لا يلجىء إلى طاعة ، لا يمنع من معصية ، إذ الإلجاء والمنع منافيان للتكليف الذي بشرطه الاختيار ، فسبب الغيبة وإن كان قبيحا إلا أن مسببه في غاية الحسن ، وليس المراد بها أكثر من أنه عليه السلام لا يميز
صفحه ۶۴