قبل الرئيس بل من مخالفة المرؤوسين له وجهلهم به ، فلا ملامة إلا عليهم ، وإذا ثبت أن في الرئاسة لطفا ، وكان اللطف واجبا بما بيناه متقدما وجبت الإمامة في كل زمان من أزمان التكليف ، لوجوب الألطاف الدينية التي لا يحسن إلا معها ، لكونها شرطا فيه (1)، ولأن مع استقرار الشريعة واستمرارها إلى قيام الساعة يتعين وجوب إزاحة العلة في حفظها بعد أدائها ، كحفظها بمن به أدائها في حال الأداء ، ولا حافظ لها في الحقيقة إلا من حكمه (2) في وجوب الاقتداء به ، وإزاحة العلة بوجود (3) حكم مؤديها ، وهو الرئيس الذي لا يجوز خلو زمان التكليف من وجوده فيه ، لأنها إن لم تكن محفوظة جاز دخول التبديل والتحريف فيها ، وهو مناف لوجوب القطع على صحتها ولإزاحة علة من هو مكلف بها وإن كانت محفوظة ، فأما الكتاب فليس مشتملا على جميع أحكامها ، ولا كل ما اشتمل عليه مبين ، لما فيه من المجمل الذي لا بد له من بيان ، أو السنة ، وحكمها في عدم الإحاطة بجميع الأحكام حكم الكتاب ، ومتواترها قليل بالنسبة إلى الآحاد الذي هو كثير واتصاله به جائز إما بإعراض الناقلين عنه ، أو باختلافهم فيه أو بغير هما من الأسباب ، وليس الآحاد مثمرا علما ولا موجبا عملا ولا طريقا إلى العلم بشيء من الأحكام الشرعية فلا بد لها من ضابط.
والإجماع ولا حجة به إلا بوجود المعصوم وتعيينه فيه ، وإلا مع خلوة منه ، وجواز الخطأ على كل واحد من المجمعين لا حجة في إجماعهم ، ولا فرق بينه وبين انفرادهم ، كما لا حجة في إجماع أهل الكفر على ما أجمعوا عليه من كفر هم الذي
صفحه ۴۶