151

اشارات اعجاز

إشارات الإعجاز

ویرایشگر

إحسان قاسم الصالحي

ناشر

شركة سوزلر للنشر

شماره نسخه

الثالثة

سال انتشار

٢٠٠٢

محل انتشار

القاهرة

ژانرها

بل بنظره السطحيّ التبعيّ فيقبله اضطرارًا؛ لأنه لما تغافل عن النظام الذي هو خيط الحِكَم، وتعامى عن ضدية الحركة والمادة للازلية احتمل عند نظره التبعي اسناد هذا النقش البديع والصنعة العجيبة الى التصادف الأعمى والأتفاق الأعور. كما قال "الجسريّ" ١ في مَنْ دخل قصرًا مزينا مشتملًا على آثار المدنية، من انه حينما لايرى صاحبه فيعتقد عدمه يضطر لإِسناد زينته وأساساته الى الاتفاق والتصادف وناموس الانتخاب الطبيعيّ.
وأيضًا لما تعامى وتغافل عن شهادة كل الحكم والفوائد في نظام العالم على اختيار تام وعلم شامل وقدرة كاملة احتمل في نظره التبعي اثبات تأثير حقيقي لهذه الأسباب الجامدة.
فيا هذا! مع قطع النظر عن دقائق صنعته ﷻ تأمل في اظهر الآثار التي تسمى "طبيعة" وهو الارتسام - بشرط ان تمزق حجاب الالفة - كيف تقنع نفسك ويقبل عقلك ان خاصية وجه المرآة علة مؤثرة مناسبة لكشط وجه السماء وجلب صورة ارتفاعها ونقشها بنجومها في زجيجتها؟. وكيف يقنع عقلك بأن الأمر الوهميّ في الحقيقة المسمّى بالجاذب العموميّ علة مؤثرة كخيط المنجنيق لإِمساك الأرض والنجوم وتحريكها وتدويرها بانتظام محكم؟
الحاصل: ان الانسان اذا نظر نظرًا سطحيًا تبعيًّا الى الأمر الباطل المحال ولم ير العلة الحقيقية احتمل صحته عنده. الا انه اذا نظر اليه قصدًا وبالذات وتحراه مشتريًا له لايمكن ان يقبل شيئًا من تلك المسائل التي يطنطنون بها في الحكميات، الاّ ان يتبلّه بفرض عقل الحكماء وحكمة السياسيّين في الذرّات.
" ان قلت: فما الطبيعة والنواميس والقُوَى التي يدمدمون بها ويسلّون أنفسهم بها؟

١ هو حسين بن محمد بن مصطفى الجسر (١٢٦١ - ١٣٢٧هـ) (١٨٤٥ - ١٩٠٩م) عالم بالفقه والادب، من بيت علم في طرابلس الشام. له نظم كثير. دخل الازهر سنة ١٢٧٩هـ واستمر الى سنة ١٢٨٤هـ، وعاد الى طرابلس فكان رجلها في عصره، علمًا ووجاهة، وتوفي فيها. كتبه (الرسالة الحميدية في حقيقة الديانة الاسلامية) و(الحصون الحميدية) في العقائد الاسلامية. و«سيرة مهذّب الدين» و«رياض طرابلس» وهى مجموعة دراسات ادبية واجتماعية في عشرة اجزاء.

1 / 153