تنبيه: قال أصحابنا: يلزم المكلف في هذه المسألة أن يعلم أن
الله تعالى غني لا تجوز عليه الحاجة في شيء أصلا، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأنه غني فيما لم يزل وفيما لا يزال، ولا تجوز عليه الحاجة في حال من الأحوال.
(المسألة التاسعة): في استحالة الرؤية على الله تعالى
فالذي ذهب إليه العدلية جميعا والنجارية من المجبرة والخوارج والمرجئة، وأكثر الفرق الخارجة عن الإسلام (أن الله تعالى لا يرى بالأبصار) ولا يرى نفسه (لا في الدنيا ولا في الآخرة)، وذهبت المجسمة وأكثر أهل الجبر إلى أنه يرى نفسه ويراه غيره، وبعض المجسمة تقول: أنه مدرك بكل الحواس ويرى في جهته على حد رؤية الأجسام، ويرى بالحاسة من دون معنى، والأظهر من مذهب الأشعرية أنه لا يرى بحاسة غير حاسة الرؤية، وذهب ضرار إلى أنه يرى بحاسة سادسة غير الحواس الخمس، واتفقوا جميعا أنه لا يرى في جهة لا خلف ولا أمام ولا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال. قال أصحابنا: وهذه رؤية غير معقولة.
قال الإمام يحيى بن حمزة -عليه السلام-: ويقرب أن يكون الخلاف بيننا وبين الأشعرية في هذه المسألة لفظيا كما ذكره المحققون من متأخريهم، فإن الغزالي ذكر في كتاب الاقتصاد: أن الرؤية عبارة عن تجل مخصوص لا ينكره العقل، وهذا العلم بعينه ونحن لا نأباه، وقال الرازي في النهاية: بعد تحرير الأدلة العقلية لهم أنها ليست بقوية، قال: ويقرب أن يكون الخلاف في المسألة لفظيا. انتهى.
صفحه ۴۷