وقالت الثنوية: أنه نور لا يتناهى..، إلى غير ذلك من خرافات أهل الزيغ -تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا- (والدليل على ذلك) المذهب الصحيح، وهو القول: أن الله تعالى لا يشبه الأشياء (أنه لو أشبهها لكان محدثا مثلها أو كانت قديمة مثله، ولا يجوز أن يكون تعالى محدثا ولا أن الأشياء سواه قديمة) لما مر من الدليل على أنه تعالى ليس بمحدث، والدليل على حدوث العالم (وهذه الدلالة مبنية على أصلين: أحدهما: أنه لو أشبهها لكان محدثا مثلها، أو كانت قديمة مثله، والثاني: أن ذلك لا يجوز، أما) الأصل (الأول فالذي يدل عليه أن من حق المثلين أن يشتركا في وجوب ما يجب، وجواز ما يجوز، واستحالة ما يستحيل فيما يكون وجوبه وجوازه، واستحالته راجعة إلى ذاته) كالقدم والحدوث مثلا بخلاف ما كان راجعا إلى العوارض للجسم، كالسواد والبياض فلا يقدح في صحة تماثلها يكون بعضها أسود وبعضها أبيض، وبعضها يصح حلول الحياة فيه ونحو ذلك؛ لأن هذه عوارض للجسم غير واجبة له وعدم الاشتراك في العوارض لا يوجب المخالفة، وكذلك وجوب القادرية عند وجود القدرة واستحالة الحياة عند فقد البنية، إذ مثل هذه راجعة إلى غير الذات، (ألا ترى أن الجوهرين لما كانا مثلين اشتركا في وجوب ما يجب لهما من التحيز والشغل للجهات، وجواز ما يجوز عليهما من التنقل في الأمكنة، واستحالة ما يستحيل عليهما من الكون في جهتين في وقت واحد، وإنما وجب لكونهما مثلين، ولهذا لم يجب في الجوهر والعرض لما لم يكونا مثلين) لا يقال: إن الجوهرية تقتضي القدم في حقه دوننا؛ لأنا نقول: إما أن تقتضيه لا بشرط فيجب أن تقتضيه لنا أو إما أن تقتضيه بشرط فكان يصح حصوله لنا؛ إذ لا يصح حصول المقتضي ويستحيل شرط الاقتضاء على الإطلاق (فثبت بما ذكر) الأصل (الأول) وهو أنه يلزم أن يكون تعالى محدثا كالأشياء، أو أن تكون قديمة كالباري عند ادعاء المشابهة بينهما.
صفحه ۴۰