منها القوم ، وأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمسلمون معه فشرب وشربوا، وشربت خيلهم وملؤوا رواياهم، غيري؟ قالوا: لا، قال: فهل فيكم أحد أعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حنوطا من حنوط الجنة فقال: اقسم هذا ثلاثا، ثلثا حنطني به، وثلثا لابنتي، وثلثا لك، غيري؟ قالوا: لا.
قال: فما زال يناشدهم ويذكرهم ما أكرمه الله تعالى وأنعم عليه به حتى قام قائم الظهيرة ودنت الصلاة، ثم أقبل عليهم وقال: أما إذا أقررتم على أنفسكم، وبان لكم من سببي الذي ذكرت فعليكم بتقوى الله وحده، وأنهاكم عن سخط الله فلا تعرضوا له وتضيعوا أمري، وردوا الحق إلى أهله، واتبعوا سنة نبيكم (صلى الله عليه وآله) وسنتي من بعده.
فإنكم إن خالفتموني خالفتم نبيكم، فقد سمع الله ذلك من جميعكم، وسلموها إلى من هو لها وهي له أهل، أما والله ما أنا بالراغب في دنياكم ولا قلت ما قلت لكم افتخارا ولا تزكية لنفسي، ولكن حدثت بنعمة ربي وأخذت عليكم بالحجة، ثم نهض إلى الصلاة.
قال: فتآمر القوم بينهم وتشاوروا فقالوا: قد فضل الله علي بن أبي طالب بما ذكر لكم، ولكنه رجل لا يفضل أحدا على أحد، ويجعلكم ومواليكم سواء، وإن وليتموه إياها ساوى بين أسودكم وأبيضكم ووضع السيف على عاتقه، ولكن ولوها عثمان فهو أقدمكم ميلادا، وألينكم عريكة، وأجدر أن يتبع مسرتكم(1)، والله رؤوف رحيم(2).
صفحه ۹۵