إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

Al-Shawkani d. 1250 AH
53

إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

پژوهشگر

الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا

ناشر

دار الكتاب العربي

شماره نسخه

الطبعة الأولى ١٤١٩هـ

سال انتشار

١٩٩٩م

الْعَبَثِ، وَيَنْدَفِعُ أَيْضًا مَا قَالُوهُ: مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، وَلَمْ يَأْتُوا بِحُجَّةٍ مَقْبُولَةٍ فِي مُقَابَلَةِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ، مِنْ وُقُوعِ التَّرَادُفِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، مِثْلَ: الْأَسَدِ وَاللَّيْثِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالْقَمْحِ، وَالْجُلُوسِ وَالْقُعُودِ، وَهَذَا كَثِيرٌ جِدًّا وَإِنْكَارُهُ مُبَاهَتَةٌ. وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ مَا يُظَنُّ أَنَّهُ مِنَ التَّرَادُفِ، هُوَ مِنِ اخْتِلَافِ الذَّاتِ وَالصِّفَةِ، كَالْإِنْسَانِ وَالْبَشَرِ، أَوِ الصِّفَاتِ كَالْخَمْرِ لِتَغْطِيَةِ الْعَقْلِ وَالْعَقَارِ لِعُقْرِهِ أَوْ لِمُعَاقَرَتِهِ، أَوِ اخْتِلَافِ الْحَالَةِ السَّابِقَةِ كَالْقُعُودِ مِنَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ مِنَ الِاضْطِجَاعِ، تَكَلُّفٌ ظَاهِرٌ، وَتَعَسُّفٌ بَحْتٌ، وَهُوَ وَإِنْ أَمْكَنَ تَكَلُّفُ مِثْلِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَادِّ الْمُتَرَادِفَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُمَكِنُ فِي أَكْثَرِهَا، يَعْلَمُ هَذَا كُلُّ عَالِمٍ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، فَالْعَجَبُ مِنْ نِسْبَةِ الْمَنْعِ مِنَ الْوُقُوعِ إِلَى مِثْلِ ثَعْلَبٍ١، وَابْنِ فَارِسٍ٢ مَعَ تَوَسُّعِهِمَا فِي هَذَا الْعِلْمِ.

١ هو أبو العباس، أحمد بن يحيى بن زيد، إمام الكوفيين في اللغة والنحو، المعروف بثعلب، ولد ببغداد سنة مائتين هجرية، وتوفي فيها سنة إحدى وتسعين ومائتين، وهو حجة مشهور بالحفظ، من آثاره: "قواعد الشعر"، و"الفصيح". ا. هـ. تذكرة الحفاظ "٢٠/ ٦٦٦"، هدية العارفين "١/ ٥٤". ٢ هو أحمد بن فارس زكريا، القزويني، الرازي، المالكي، اللغوي، أبو الحسين توفي في الري سنة خمس وتسعين وثلاثمائة هـ، من آثاره: "مقاييس اللغة" "اختلاف النحاة" ا. هـ. سير أعلام النبلاء "١٧/ ١٠٣"، هدية العارفين "١/ ٦٨"، الأعلام "١/ ١٩٣".

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ اللَّفْظَةُ الْمَوْضُوعَةُ لِحَقِيقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَضْعًا أَوَّلًا، مِنْ حَيْثُ هُمَا كَذَلِكَ. فَخَرَجَ بِالْوَضْعِ: مَا يَدُلُّ عَلَى الشَّيْءِ بِالْحَقِيقَةِ، وَعَلَى غَيْرِهِ بِالْمَجَازِ، "وَخَرَجَ بِقَيْدِ: أَوَّلًا: الْمَنْقُولُ"*، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحَيْثِيَّةِ: الْمُتَوَاطِئُ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمَاهِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةَ، لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ هِيَ كَذَلِكَ، بَلْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مُشْتَرِكَةٌ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُشْتَرَكِ: فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُ وَاجِبُ الْوُقُوعِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ مُمْتَنِعُ الْوُقُوعِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّهُ جَائِزُ الْوُقُوعِ. احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ: بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ مُتَنَاهِيَةٌ، وَالْمَعَانِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، وَالْمُتَنَاهِي إِذَا وُزِّعَ عَلَى غَيْرِ الْمُتَنَاهِي لَزِمَ الِاشْتِرَاكُ، وَلَا رَيْبَ فِي عَدَمِ تَنَاهِي الْمَعَانِي؛ لِأَنَّ الْأَعْدَادَ مِنْهَا، وَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ بِلَا خِلَافٍ. وَاحْتَجُّوا ثَانِيًا: بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْعَامَّةَ -كَالْمَوْجُودِ، وَالشَّيْءِ- ثَابِتَةٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وقد ثبت أن

* ما بين قوسين ساقط من "أ".

1 / 57