وخرج ابن عبد البر في " مقدمة التمهيد ": من طريق محمد بن خيرون ثنا محمد بن الحسين البغدادي، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: الإسناد من الدين. قال يحيى: وسمعت شعبة يقول: إنما تعلم صحة الحديث بصحة الإسناد.
وخرج أيضا بإسناده إلى الأوزاعي أنه قال: ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد.
وقال حاتم بن المظفر - رحمه الله تعالى -: إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمهم وحديثهم إسناد وإنما هي صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم، وليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل مما جاء به أنبياؤهم؛ وبين ما ألحقوه بكتبهم من أخبارهم التي أخذوا عن غير الثقات.
وقال الحاكم أبو عبد الله - رحمه الله تعالى -: فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له، وكثرة مواظبتهم على حفظه؛ لدرس منار الإسلام ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضع الأحاديث، وقلب الأسانيد، فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بترا.
وإذا تقرر هذا فليعلم أن الله ﷾ قد قيض لحفظ هذا الدين فرسانا، وهم أصحاب الأسانيد، فقد روى ابن حبان في " مقدمة المجروحين ": عن يزيد بن زريع - يرحمه الله - قوله: " لكل دين فرسان، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد " اهـ. فرحمهم الله، لقد صنفوا في كل فن من فنونه، وفتشوا عن كل راوٍ
1 / 10