وقال: (ثلاث من أعمال الجاهلية لا يزال الناس فيها حتى تقوم الساعة الأستسقاء بالنجوم، والطعن في الأنساب، والنياحة على الموتى) (1).
ولما ماتت بنت رسول الله رقية بكت النساء عليها فضربهن عمر فأخذ النبي بيده وقال: (دعهن يبكين ) وقال لهن: (ابكين وإياكن(2) ونعيق الشيطان فإنه مهما يكن من العين ومن القلب فمن الله، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان) فبكت فاطمة عليها السلام على شفير القبر، فلم يزل النبي يمسح الدموع من عينيها بطرف ثوبه(3).
وفيه دلالة على تحريم رفع الصوت، وإن البكاء الحلال بالعين والقلب، ولا أدري ما يكون حال النساء اللواتي قد اعتدن الإجتماع للبكاء بالصوت على الميت أياما معلومات، والأقرب أنهن غير ناجيات، بل نائحات هالكات، داخلات في الأخبار الواردة المذكورة، وغيرها من الأثر الوارد.
وفي ذلك عن النبي مما لا يمكن إحصاؤه هاهنا لما قصدناه في هذا الباب
الآفة التاسعة إظهار المن بالنعم.
فإن من تمنن على غيره بما أنعم عليه به حبط أجره وانثلم دينه.
وقد قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}(4).
وعن النبي أنه قال: (تحرم الجنة على ثلاثة المنان والنمام ومدمن الخمر) (5).
فاحذر أن تكون صدقتك وبالأ عليك بامتنانك بها، واحترز من أن تذكر ما فعلته مع أخيك المسلم، أو صديقك أو قريبك وهو يسمع، أو حيث تعلم أنه يبلغه فإن في امتنانك بما تفعله ثلاث خصال، تود أن تترك صدقتك ولا تحصل. أحدها: خسارة صديقك. والثانية: خسارة أجرها. والثالثة: ثلم سائر أعمالك فافهم واحترز.
صفحه ۴۷