ارشاد
الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي
وعن على عليه السلام (إني لأرجو إن تكون كفارة العبد من ذنبه ندامته عليه).
وعن القاسم بن إبراهيم عليه السلام "التوبة الندم، والعزم على أن لا يعود إلى شئ من المعاصي والإخلال بالواجب).
وهو مروى عن على بن موسى الرضا، وعن كثير من العلماء، وغرضنا هاهنا العظة والزجر، فلا ندخل فيه ما هو من قبيل الجدل.
المعرفة الرابعة: بيان شروطها وصفتها
اعلم أيها الطالب للنجاة أن التوبة ينبغي أن تفعل على الوجه الذي يزول معه استحقاق العقاب، ولن تكون مزيلة لذلك إلا متى وقعت على شروطها.
وشروطها تختلف باختلاف الذنوب التي يتاب منها، فإنا قد بينا أن التوبة دواء والذنب داء، ولا إشكال أن الأدوية تختلف بحسب اختلاف الداء، فليس ما معه تبرأ الأمراض الصفراوية من الأدوية تبرأ معه الأمراض البلغمية، وكذا سائر الأدوية والأدواء.
وكما أنه لابد من استصحاب شرطين في كل دواء، أحدهما: إن يكون الدواء في حكم المضاد لذلك الداء، فإن الحرارة لا تدواى بالحرارة، ولا البرودة بالبرودة.
والثاني: أن يقع الدواء على وجه لا يكون ذلك المريض مستعملا لما يهيج ذلك الداء معه ؛ فإنه إذا كان كذلك زال نفع الدواء وادى إلى استحكام الداء، فكذلك الدواء الأخروي وهو التوبة فإنها تختلف بحسب الذنوب، فإنه لابد من استصحاب شرطين في كل توبة.
أحدهما: أن يتوب من القبيح لقبحه فقط، لا لمخافة الفضيحة عند الناس، ولا لخوف السلطان، ولا لغير ذلك من الأغراض ؛ لأن التوبة لا تكون نافية لهذا الداء وهو القبيح إلا بذلك، فإنه إنما يستحق العقاب العظيم، والألم الجسيم لقبح الفعل، فلا بد أن يندم على القبيح لقبحه المؤدي إلى المضرة، كما بيناه مشروحا في كتاب التكميل.
صفحه ۳۲۳