I'rab al-Qiraat al-Sab' wa Ilaluha
إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٣٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
ژانرها
إِلَّا عَاصِمًا فَإِنَّهُ كَانَ يُمِدُّ الَّذِي فِي الْكَهْفِ وَيَقْصِرُ هَاهُنَا كَأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ لِيُنْبِئَ أَنَّ هَذِهِ جَائِزَةٌ وَهَذِهِ جَائِزَةٌ، فَمَنْ مَدَّ جَمْعَهَا دَكَّاوَاتٍ، وَمَنْ قَصَرَ لَمْ يُثَنِّ وَلَمْ يَجْمَعْ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَحُكِيَ لِي، عَنْ بعَضِ الْقُرَّاءِ أَنَّهُ قَرَأَ «دُكًّا» بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ، فَيَكُونُ مَصْدَرًا وَجَمْعًا، وَالِاخْتِيَارُ أَنَّ الدَّكَّ الْأَرْضُ الذَّلِيلَةُ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ﴾.
قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: «الرَّشَدِ» بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَجَزْمِ الشِّينِ «سَبِيلَ الرُّشْدِ».
فَقَالَ قَوْمٌ: هُمَا لُغَتَانِ مِثْلَ: السُّقْمِ وَالسَّقَمِ وَالْحُزْنِ وَالْحَزَنِ، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو:
الرُّشَدُ: الصَّلَاحُ، وَالرَّشَدُ: فِي الدِّينِ فَلِذَلِكَ كَانَ يَقْرَأُ الَّتِي فِي الْكَهْفِ «رَشَدًا».
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الِاخْتِيَارُ: الرُّشْدُ، بِالضَّمِّ وَالْإِسْكَانِ، لِأَنَّ الْقُرَّاءَ أَجْمَعُوا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾. فَهَذَا مثله.
قال أبو عبد الله ﵁: وَكَذَلِكَ: ﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾. وَالْغَيُّ: هَاهُنَا الضَّلَالُ يُقَالُ غَوَي الرَّجُلُ يَغْوِى: إِذَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْغَيِّ، وَالْغَوَايَةُ: الضَّلَالَةُ، وَأَمَّا غَوِىَ بِكَسْرِ الْوَاوِ يَغْوَى غَوًى فَشَيْئَانِ: يُقَالُ فِي السَّخْلَةِ إِذَا بَشِمَتْ مِنْ كَثْرَةِ الشُّرْبِ لِلَّبَنِ، وَإِذَا هُزِلَتْ مِنْ قِلَّةِ الشُّرْبِ، وَيُنْشِدُ:
مُعَطَّفَةُ الْأَثْنَاءِ لَيْسَ فَصِيلُهَا ... بِرَازِئِهَا دَرًّا وَلَا مَيِّتٍ غَوِىِ
الدَّرُّ: اللَّبَنُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: لِلَّهِ دَرُّكَ، أَيْ: لِلَّهِ صَالِحُ عَمَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَفْتَضُّ الْكِرْشَ لِشُرْبِ مِائَةٍ وَتَفْصِدُ الْعِرْقَ لِتَشْرَبَ الدَّمَ فَكَانَ أَفْضَلُ مَا يَشْرَبُونَ اللَّبْنَ وَهُوَ الدَّرَّةُ فَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾. فَإِنَّ أُبَيَّا قَرَأَ «لَا يَتَّخِذُوهَا» فَالْهَاءُ فِي كِلَا الْقِرَاءَتَيْنِ تَعُودُ عَلَى السَّبِيلِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تُذَكِّرُ السَّبِيلَ وَتُؤَنِّثُهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي﴾ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ﴾ فَأَمَّا ابْنُ عَامِرٍ فَإِنَّهُ قَرَأَ فِي الْكَهْفِ «رُشُدًا» بِضَمَّتَيْنِ أَتْبَعَ الضَّمَّ الضَّمَّ كَمَا قَرَأَ أَيْضًا «وَأَقْرَبَ رُحُمًا» وَكَمَا قَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: «أَلَيْسَ الصبح بقريب».
- وقوله تعالى: ﴿برسالاتي وَبِكَلَامِي﴾.
قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ بِالتَّوْحِيدِ، لِأَنَّ الرِّسَالَةَ الْوَاحِدَةَ قَدْ يَكُونُ مَعَهَا كَلِمَاتٌ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْجَمْعِ لِيَكُونَ أَشْكَلَ بِالْكَلِمَاتِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَهُ مِرَارًا.
1 / 126