(والرابع) أن يعلم بالنظر والاستدلال.
والعلم بالله تعالى ليس بحاصل من الوجه الأول، لأن ما يعلم ضرورة لا يختلف العقلاء فيه بل يتفقون عليه، ولذلك لا يختلفون في أن الواحد لا يكون أكثر من اثنين وان الشبر لا يطابق الذراع. والعلم بالله فيه خلاف بين العقلاء فكيف يجوز أن يكون ضروريا.
وليس الإدراك أيضا طريق الى العلم بمعرفة الله تعالى، لأنه تعالى ليس بمدرك بشيء من الحواس على ما سنبينه فيما بعد، ولو كان مدركا محسوسا لأدركناه مع صحة حواسنا وارتفاع الموانع المعقولة.
والخبر أيضا لا يمكن أن يكون طريقا الى معرفته، لان الخبر الذي يوجب العلم هو ما كان مستندا الى مشاهدة وادراك، كالبلدان والوقائع وغير ذلك، وقد بينا أنه ليس بمدرك ، والخبر الذي لا يستند إلى الإدراك لا يوجب العلم. ألا ترى أن جميع المسلمين يخبرون من خالفهم بصدق محمد (صلى الله عليه وآله) فلا يحصل لمخالفيهم العلم به لان ذلك طريقه الدليل، وكذلك جميع الموحدين يخبرون الملحدة بحدوث العالم فلا يحصل لهم العلم به لان ذلك طريقه الدليل.
فاذا بطل أن يكون طريق معرفته الضرورة أو المشاهدة أو الخبر، لم يبق الا أن يكون طريقه النظر.
فان قيل: أين أنتم عن تقليد [الإباء و] (1) المتقدمين؟
قلنا: التقليد ان أريد به قبول قول الغير من غير حجة- وهو حقيقة التقليد- فذلك قبيح في العقول، لان فيه اقداما على ما لا يأمن كون ما يعتقده عند التقليد جهلا لتعريه من الدليل، والاقدام على ذلك قبيح في العقول. ولأنه ليس في العقول تقليد الموحد أولى من تقليد الملحد إذا رفعنا النظر والبحث عن أوهامنا
صفحه ۱۰