يمكنهم ذلك لم يمكنهم أن يعلموا أن أفعاله كلها حكمة ولا حسن التكليف ولا النبوات ولا الشرعيات، لأن معرفة هذه الأشياء لا يمكن الا بعد معرفة الله تعالى على طريق التفصيل.
قلنا: يمكن معرفة جميع ذلك على وجه الجملة، لأنه إذا علم بما قدمناه من الأفعال ووجوب كونه قادرا عالما وعلم أنه لا يجوز أن يكون قادرا بقدرة محدثة لأنها كانت تجب أن تكون من فعله، وقد تقرر أن المحدث لا بد له من محدث، وفاعلها يجب أن يكون قادرا أولا، فلو لا تقدم كونه قادرا قبل ذلك لما صح منه تعالى فعل القدرة، فيعلم أنه لم يكن قادرا بقدرة محدثة، ولأجله علم أنه كذلك لأمر لا اختصاص له بمقدور دون مقدور، فيعلم أنه يجب أن يكون قادرا على جميع الأجناس ومن كل جنس على ما لا يتناهى لفقد التخصيص .
وكذلك إذا علم بالمحكم من أفعاله كونه عالما علم أن ما لأجله علم ما علمه لا اختصاص له بمعلوم [دون معلوم] (1)، إذ المخصص هو العلم المحدث والعلم لا يقع الا من عالم، فلا بد أن يتقدم كونه عالما لا بعلم محدث، وما لأجله علم لا اختصاص له بمعلوم دون معلوم، فيعلم أنه عالم بما لا يتناهى وبكل ما يصح أن يكون معلوما لفقد الاختصاص. فيعلم أنه لا يشبه الأشياء، لأنه لو أشبهها لكان مثلها في كونها محدثة، لان المثلين لا يكون أحدهما قديما والآخر محدثا.
ويعلم أنه غير محتاج، لأن الحاجة من صفات الأجسام، لأنها تكون الى جلب المنافع أو دفع المضار وهما من صفات الأجسام، فيعلم عند ذلك أنه غني.
ويعلم أنه لا تجوز عليه الرؤية والإدراكات، لأنه لا يصح أن يدرك الا ما
صفحه ۱۸