وكيف يجحد ذلك وينكر وجوده، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال «أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه» وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته المعروفة «أول عبادة الله معرفته، وأصل معرفته توحيده، ونظام توحيده نفي الصفات عنه، لشهادة العقول أن من حلته الصفات فهو مخلوق، وشهادتها أنه خالق ليس بمخلوق» ثم قال «بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول يعتقد معرفته، وبالنظر يثبت حجته، معلوم بالدلالات، مشهور بالبينات» (1) الى آخر الخطبة.
وخطبة في هذا المعنى أكثر من أن تحصى.
وقال الحسن (الحسين خ ل) (عليه السلام): «والله ما يعبد الله الا من عرفه فأما من لم يعرفه فإنما يعبده هكذا ضلالا» وأشار بيده.
وقال الصادق (عليه السلام): «وجدت علم الناس في أربع: أولها أن تعرف ربك، والثاني أن تعرف ما صنع بك، والثالث أن تعرف ما أراد منك، والرابع أن تعرف ما يخرجك من دينك» (2).
ثم انه يلزم مثل ذلك الفقهاء، فانا نعلم ما فرعه الفقهاء (3) من المسائل ودونوه في كتبهم ودارت بينهم من العلل والأقيسة لم يخطر لأحد من الصحابة والتابعين ببال ولا نقل شيء منه عن واحد منهم. فينبغي أن يكون ذلك كله باطلا، أو يقولوا ان الصحابة لم يكونوا عالمين عارفين بالشرع، فأي شيء أجابوا عن ذلك في الفروع فهو جوابنا في الأصول بعينه، وهو أن يقال انهم كانوا عالمين بأصول الشريعة فلما حدثت حوادث في الشرع لم يكن استخرجوا أدلتها من الأصول قلنا مثل ذلك فإنهم كانوا عارفين بالأصول من التوحيد والعدل مجملا، فلما
صفحه ۱۴