والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان" (١) .
وعليه، فمشابهة أهل الكتاب والأعاجم ونحوهم، لا بد أن تورث عند المسلم نوعَ مودة لهم، أو هي على الأقل مظنة المودة، فتكون محرمة من هذا الوجه سدًّا للذريعة، وحسمًا لعادة حب الكافرين والولاء لهم، فضلًا عن كونها محرمة من وجوه أخرى بالنصوص الواردة وغيرها.
وليس هذا من خصائص عصر المؤلف، كما يتوهمه بعض الناس، بل هو سنة الله في خلقه في كل زمان، وكل مكان. وعلى أي حال، فإننا في عصرنا الحاضر، رغم اختلاط الأمم، وتقارب المسافات وطغيان الحضارة والمدنية الغربية على الناس، وما يحدثه ذلك من تقليل التميز بين الأمم والشعوب، إلا أننا ندرك بوضوح، أن تلك الفئات- من المسلمين- التي تتشبه بالإفرنج في لباسهم، أو سلوكهم وعاداتهم، والتي تعتاد التكلم بلغتهم وتتخاطب بها باستمرار، أنها تميل إلى حبهم، وتقديرهم، والإعجاب بهم، وتستأنس بهم، وتزدري المسلمين المتمسكين بما هم عليه من لباس وسلوك وعادات.
وذلك أن الله تعالى "جبل بني آدم- بل سائر المخلوقات- على التفاعل بين الشيئين المتشابهين، وكلما كانت المشابهة أكثر، كان التفاعل في الأخلاق والصفات أتم، حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالعين فقط" (٢) .
وكذلك العكس أيضًا، فإن المسلمين المتمسكين بهدي الإسلام، والبعيدين عن مشابهة الأمم الأخرى، هم أكثر نفرة وأقل مودة لغير المسلمين.
وأمر آخر خطير أيضًا على المسلمين، وهو أنه لا يقتصر التشابه بين
_________
(١) (١ / ٥٥٠) من أصل الكتاب.
(٢) (١ / ٥٤٧) من أصل الكتاب.
1 / 45