اقلیم: مقدمه کوتاه

شیما طه ریدی d. 1450 AH
38

اقلیم: مقدمه کوتاه

الإقليم: مقدمة قصيرة

ژانرها

أما النوع الثالث من السيطرة، وهي السيادة، فكانت نقطة النهاية المنشودة. وفقا لحسين وماكاي، «بمجرد شراء الأرض، كان غير اليهود يطردون منها ويمنعون من الحصول على أي فائدة منها، وكانت الأراضي التي تشترى بواسطة الصندوق اليهودي القومي تعد تلقائيا «مستردة» وملكا للشعب اليهودي ككل» (2003، 68). وبحسب تأويل الجغرافي الفلسطيني غازي وليد فلاح للعملية:

كان شراء دونم إضافي من الأرض من فلسطيني، مهما كان ضئيلا، يترجم إلى «إنجاز» وطني من قبل الدولة ومواطنيها اليهود، بينما ينظر إليها في ذات الوقت كخيانة في أعين الفلسطينيين الأصليين. وهذا النوع من الازدواج في الإدراك - تلك الأقلمة التي لا غبار عليها للمواجهة الأساسية - أضفى على الأرض قيمة مضافة في عقل اليهود والعرب، تتجاوز قيمتها التبادلية الاقتصادية بمراحل؛ بل إن الأرض (شاملة المياه) والسيطرة عليها قد أصبحتا رمزا أساسيا للصراع، وسمته الجوهرية. (2003، 183)

تأمل قطعة أرض صغيرة كانت توجد، لنقل، في مرج ابن عامر في عام 1905، لقد حملت هذه القطعة معها أكثر بكثير مما قد تدل عليه لافتة تقول ببساطة «ابتعد»؛ فقد كان سينظر إليها كمكون من مكونات تجمع إقليمي أكثر امتدادا (وبروزا). وكانت دلالتها توضح بالإشارة إلى خطاب الصهيونية الذي كان في حد ذاته يجمع بين عناصر القومية، والرمزية الدينية، والاستجابة إلى الاضطهاد، ومأساة الشتات المرتبطة بشبكة دولية لجمع التبرعات. وكانت أيضا ستصير ذات معنى بالاعتماد على أساليب خطابية معاصرة قوية للاستعمار، نصبت اليهود القادمين من أوروبا على نحو أسهل كوكلاء للحضارة في مقابل العرب الجهلة. كل هذا كان سيعاش بطريقة أكثر مباشرة فيما يتصل بنزع الملكية والاستبعاد والإحباط.

من الأهمية بمكان أن نضع في الاعتبار أنه حتى في عام 1910 لم يكن نجاح المشروع الإقليمي الصهيوني محتوما بأي حال؛ فقد كانت استراتيجية بناء إقليم سيادي من «الوجود» و«الملكية» تتطلب أولا أن يتم الحفاظ على الوجود في مواجهة المعارضة (وهذه المعارضة كانت قد اتخذت بالفعل شكل عنف موجه ضد اليهود). وتتطلب ثانيا مشاركة العرب الراغبين في بيع الأراضي. وتتطلب ثالثا خضوع الدولة، أو على الأقل عدم قدرة الدولة أو عدم استعدادها لمنع عمليات نقل ملكية الأراضي. كذلك ربما كانت الصهيونية في حد ذاتها قد ظلت حركة هامشية لا أهمية لها؛ ففي مطلع القرن العشرين كان عدد قليل نسبيا من اليهود الأوروبيين صهاينة، وكان عدد اليهود الذين غادروا أوروبا إلى فلسطين قليلا للغاية، على الأقل في البداية، غير أن البرنامج لاقى ما يكفي من النجاح لتحقيق تحولات ذات أهمية تاريخية عالمية خلال جيلين.

إن هذا المخطط التمهيدي يعرض عناصر الاستراتيجية الإقليمية الصهيونية في أوسع الخطوط، وسوف نعود لاحقا إلى ديناميكيات تشكيل السيادة من الملكية. أما في الوقت الحالي، فيكفينا ببساطة التأكيد على الترابطات المعقدة بين الأيديولوجيات والهويات والإقليم، الفاعلة في هذا المقام. ولعل من العناصر المهمة للتفسيرات وأساليب الفهم المتباينة لهذه الترابطات، وفقا ليافتشيل، أنه «بينما كان الفلسطينيون يرون هويتهم الإقليمية الجماعية هوية جامعة (أي إن جميع المقيمين في فلسطين كانوا يعدون فلسطينيين، بمن فيهم يهود «ما قبل الصهاينة»)، كان الصهاينة فقط يعدون الوافدين الجدد من اليهود جزءا من الأمة. كانت القومية الفلسطينية، آنذاك ، في طريقها إلى التطور على نحو متزايد كتنظيم سياسي إقليمي مجدد على نمط الكيانات الجماعية القائمة» (2002أ، 225). بمعنى آخر، كان الفلسطينيون يفترضون، في إطار نظرية ساك، تعريفا إقليميا أكثر حداثة للعلاقات الاجتماعية، بينما كان الصهاينة يفترضون تعريفا اجتماعيا للإقليم ينتمي إلى ما قبل الحداثة. (2-1) إعادة أقلمة السيادة

تأثرت هذه الخطوات الخاصة بالأقلمة المحلية بشدة بمحاولات أخرى للأقلمة نشأت بعيدا، لم تكن لها في البداية صلة كبيرة بالصهيونية أو القومية الفلسطينية الوليدة؛ ففي عام 1914 كانت المنطقة بين البحر المتوسط والخليج الفارسي جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وقد تحالفت الإمبراطورية مع ألمانيا والنمسا في الحرب العالمية الأولى، وكان من بين النتائج المهمة لتلك الحرب «تمزق» الإمبراطورية. وكان هذا بمنزلة إعادة أقلمة على أكبر قدر من الأهمية والضخامة؛ فقد ظهر مكانها دولة تركيا القومية، وجرى استعمار معظم المناطق غير التركية من الإمبراطورية السابقة من قبل القوى الأوروبية المنتصرة. وكان مما شكل أهمية خاصة للأحداث اللاحقة تفاصيل تقسيم المنطقة بواسطة بريطانيا وفرنسا.

خريطة 2: تقسيم سايكس بيكو. (المصدر: أندرسون 2000. روتليدج. مستخدمة بتصريح.)

بينما كانت رحى الحرب لا تزال دائرة، رتب السير مارك سايكس وشارل فرنسوا جورج بيكو لتقسيم المنطقة بعد الحرب. كان هناك تخيل لمنطقة سوف يمارس فيها الفرنسيون سيطرة مباشرة، ومنطقة سيطرة فرنسية «غير مباشرة»، ومنطقة سيطرة بريطانية مباشرة، ومنطقة سيطرة بريطانية «غير مباشرة». وكان مزمعا أن يصبح جزء كبير من الأراضي الفلسطينية تحت سيطرة فرنسية وبريطانية مشتركة (انظر خريطة

2 ). غير أنه خلال هذه الفترة أيضا كان البريطانيون يتفاوضون مع الشريف حسين أمير مكة بخصوص إقامة دولة عربية في فلسطين (بيكرتون وكلوسنر 1995، 36-38). بعد ذلك، وفي عام 1917، أعلنت الحكومة البريطانية، فيما أصبح معروفا بإعلان بلفور، دعمها لإقامة وطن لليهود في فلسطين؛ كانت إعادة أقلمة السيادة هنا حافلة على نحو واضح بالتناقضات والأسرار على أقصى تقدير. وفي عام 1920 سلط الضوء على جانب من هذا في معاهدة سيفر، وبحسب تعبير بيكرتون وكلوسنر:

بدلا من مناطق النفوذ البريطاني والفرنسي والمناطق المدولة، تم تقسيم الإقليم إلى كيانات جديدة تسمى «انتدابات». كان مقررا أن يتولى الفرنسيون والبريطانيون إدارة الانتدابات، تحت إشراف عصبة الأمم، إلى أن يأتي الوقت الذي يكون فيه السكان مستعدين للاستقلال والحكم الذاتي. وأرجئت التعهدات والوعود التي منحت للعرب واليهود على حد سواء في وقت الحرب، إن لم تكن ألغيت تماما بفعل هذه الترتيبات. (1995، 42-43)

صفحه نامشخص