الدعوة إلى التمسك بالقرآن الكريم وأثره في حياة المسلم

Abd al-Rahim al-Maghzawi d. Unknown
59

الدعوة إلى التمسك بالقرآن الكريم وأثره في حياة المسلم

الدعوة إلى التمسك بالقرآن الكريم وأثره في حياة المسلم

ناشر

*

ژانرها

أما كتاب الله تعالى فله الأثر العظيم البالغ في تقرير حقوق الإنسان وهو ما طبقه المسلمون واقعًا في تاريخهم وحاضرهم لا ادعاءً. يقول الله تعالى مبينًا أولًا حقيقة الوجود الإنساني: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ (الحجر: ٢٨-٢٩) . وفي مجال بيان التكريم الإلهي لهذا الإنسان يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ (الإسراء: ٧٠) . وفي مجال مسؤولية الإنسان عن نفسه وعمله يقول تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ (المدثر: ٣٨-٣٩) . وقوله تعالى: ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ (النجم: ٣٩) . وفي مجال المساواة الحقيقية بين البشر يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات: ١٣) . وقال تعالى في مجال العدل بين الناس: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ (النساء: ٥٨) . وقوله سبحانه: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ (المائدة: ٨) . إلى غير ذلك من الحقوق الإنسانية التي أقرها القرآن الكريم للإنسان والتي عجزت النظم الوضعية عن مجاراتها أو الإتيان بمثلها. كما قرر القرآن الكريم أن الحضارة الإنسانية ينبغي أن تؤسس على تقوى، وهدى من الله تعالى، وأن تكون وفق منهج الله تعالى ومراده لا للمباهاة أو المراءاة أو البطر والأشر. قال تعالى حكاية عن هود ﵇ مع قومه وتذكيره لهم: ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ (الشعراء: ١٢٨-١٣١) . وخلاصة القول: أن القرآن العظيم قد رسم للإنسانية منهجًا واضحًا في حياتها، وبين لها كل ما يهمها، وما ينبغي أن تسير عليه وتبني عليه علاقاتها وحضارتها فكان منهجًا متميزًا أثمر عن كل خير وفضل للإنسانية جمعاء.

1 / 59