قال الحجوي: "وعمل الأئمة شرقا وغربا هو على ما قاله ابن عبد السلام، فلا تجد أهل مذهب إلا قد خرجوا عن مذهب إمامهم، إما إلى قول بعض أصحابه، وإما إلى خارج المذهب، إذ ما من إمام إلا قد انتقد عليه قول أو فعل خفي عليه فيه السنة، أو أخطأ في الاستدلال، فضعف مذهبه" (^١).
وبهذا نعلم ما في قول الصاوي من التجني، عندما حرم الخروج عن المذاهب الأربعة، وزعم أن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر، يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ﵀ -معقبا على قول الصاوي: "أما قوله بأنه لا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة، ولو كانت أقوالهم مخالفة للكتاب والسنة وأقوال الصحابة- فهو قول باطل بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة، وإجماع الأئمة أنفسهم، وأما قوله: إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر، فهذا أيضا من أشنع الباطل وأعظمه، وصاحبه من أعظم الناس انتهاكا لحرمة كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، سبحانك هذا بهتان عظيم.
والتحقيق الذي لا شك فيه، وهو الذي كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ، وعامة علماء المسلمين أنه لا يجوز العدول عن ظاهر الكتاب والسنة فى حال من الأحوال بوجه من الوجوه، حتى يقوم دليل صحيح شرعي، صارف عن الظاهر إلى المحتمل المرجوح، والقول إنّ العمل بظاهر الكتاب والسنة من أصول الكفر لا يصدر ألبتة عن عالم بكتاب الله وسنة رسوله، وإنما يصدر عمن لا علم له بالكتاب والسنة أصلا، لأنه لجهله بهما يعتقد ظاهرهما كفرا، والواقع في نفس الأمر أن ظاهرهما بعيد عما ظنه بُعد الشمس من اللمس" (^٢).