وأن عثمان لم يقصد قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما
قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروضة على الرسول، وإلغاء ما لم
يجرِ مجرى ذلك، وأخذهم بمصحف عثمان لا تقديم فيه ولا تأخير، ولا
تأويل أثبت مع تنزيل، ومنسوخ تلاوته كتب مع مثبت رسمه، ومفروض
قراءته وحفظه، وتسليم ما في أيدي الناس من ذلك، لما فيه من التخليط
والفساد، وخشية دخول الشبهة على من يأتي من بعد، وأنه لم يُسقط شيئًا
من القراءات الثابتة عن رسول الله ﷺ ولا منع منها، وحَظَرَها.
وأن جميع من رُوي عنه من الصحابة قول في تغيير القرآن أو فساد
نظمه، أو ذهاب شيء منه، أو كون بعضه ملحونا أو أن إعرابه وتقويمه
مأخوذ من بعض الأمة، فإن صحت الرواية إما أن أن تكون باطلة متكذبة، أو منصرفة، أو لما سنذكره ونبينه من التأويل الذي لا يعود بجحده أو بشكه في شي ءمما في مصحف الجماعة.
وأنه لا مجال لإعمال الرأي والقياس في إثبات قرآن، أو قراءة وحرفٍ
يقرأ القرآن عليه، وأن ذلك الجمع سنةٌ متبعةٌ وروايةٌ مأثورة، وأن هذا هو
باب إثبات القرآن والقراءات وطريقه الذي لا مصرف عنه ولا معدل، وأن
من أعمل الرأي في ذلك فقد ضل وأخطا الحق، وتنكّبه.
وأن القراء السبع متبعون في جميع قراءاتهم الثابتة عنهم، التي لا شكوك
فيها ولا أنكرت عليهم بل سوّغها المسلمون، وأجازوها لمصحف الجماعة.
وقارئون بما أنزل الله جل ثناؤه، وأن ما عدا ذلك مقطوعٌ على إبطاله وفساده
وممنوعٌ من إطلاقه والقراءة به، وأنه لا يجوز ولا يسوغُ القراءة على المعنى
دون اتّباع لفظ التنزيل، وإيراده على وجهه، وسببه الذي أنزل عليه، وأداه
الرسول ﷺ.
1 / 65