انتصار بر علمای شهرها
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
ژانرها
قلنا: قد ذكرنا أن الموت مؤثر في النجاسة، وهذه قاعدة معلومة لا سبيل إلى رفعها، فإذا ورد ما يعارضها من الظواهر الشرعية وجب تأويله، وخبر ابن عباس رضي الله عنه له تأويلان:
أحدهما: أن يكون المراد منه، لا تعرضوا موتاكم لمباشرة النجاسات، والتضمخ بها، والتلبس بمخالطتها، فإن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا نجاسة لا تطهر بالغسل، بل إذا غسلت عنه النجاسة المتصلة به كان طاهرا كما كان في حال الحياة.
وثانيهما: أن يكون المراد من الخبر تفاوت حاله لحال الكافر، وتميزه عنه بإن الكافر نجس في حال الحياة وحال الموت، كما قال تعالى: {إنما المشركون نجس}[التوبة:28]. بخلاف المؤمنين فإنهم ليسوا أنجاسا، في حال الحياة وحال الموت على مثل نجاسة الكفار، بل إذا غسلوا بعد الموت طهروا، بخلاف الكافر فإن غسله لا يزيده إلا نجاسة بعد الموت؛ لأنه لا يصلى عليه، فأورد الحديث تفرقة بين حال المؤمن وحال الكفار؛ لأن الغرض هو الحكم بطهارته بعد موته فسقط ما قالوه.
قالوا: آدمي فارقت جسمه الحياة فلا يكون نجسا كالشهيد.
قلنا: المعنى في الأصل هو مفارقة روحه لجسمه بسبب هو القتل شهيدا، فلهذا كانت الشهادة قائمة مقام الغسل ففارق حاله حال الموت.
مسألة: مشتملة على فروع عشرة:
الفرع الأول: إذا غسل الميت فهل يطهر بالغسل أم لا؟ فالذي أشار إليه السيد أبو طالب أنه يكون طاهرا، وهذا هو رأي أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحكي عن مالك، والشافعي.
والحجة على ذلك: هو أنه لا فائدة في التعبد بغسله إلا أنه يصير في حكم الطاهر، ولهذا فإنه يصلى عليه، فلو كانت النجاسة بالموت باقية فيه لما جازت الصلاة عليه. وذهب سائر العترة إلى أنه لا يعود طاهرا بالغسل.
والحجة على ذلك: هو أن النجاسة إنما حصلت فيه بالموت فهي أمر غير مفارق، وليس يطهر بالغسل إلا ما يصح مزايلته كالنجاسة المنفصلة، فأما ما كانت نجاسته ذاتية فلا تطهر بالغسل كالكلب والخنزير وغيرهما مما نجاسته عينية.
صفحه ۳۶۱