أولها: وجود المخطوطة بكامل أجزائها .. وهذا الغرض قد يظهر أمرا بديهيا كونه مرتبطا بموضع التحقيق وموضوعه وغايته بحكم الضرورة.. غير أن الضرورة التي تجعل من وجود كامل أجزاء المخطوطة أمرا بديهيا.. تجعل تجاوز بعض من أجزائها أمرا واردا ومحتملا، بل وحاصلا في بعض المخطوطات عند اليأس من وجودها في مظانها على المدى الزمني الزائد والمنقطع عن فترة البحث عنها، وعن فترة التحقيق للمخطوطة. وهنا تفرض الضرورة أحد خيارين: إما إخراج ما توفر من أجزائها، وإما إهمالها وصرف النظر عن تحقيقها وطبعها. ويكون الأخذ بالأول أفضل وأرجح وأولى، من باب: إخراج البعض ولا فقدان الكل. وهو مبدأ ينسجم مع العقل والمصلحة والضرورة العلمية. ومع ما جاء في القرآن الكريم {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} و{.. إلا ما آتاها}والحديث الشريف: ((إذا أمرتم بأمر فأتوا به (أو منه) ما استطعتم)). باعتبار إخراج المخطوطات واجبا علميا دينيا يقع على القادرين بحسب مراتب القدرة والاستطاعة لديهم، وهذا ما تم مثلا في إخراج وتحقيق كتاب (الإكليل)(¬1).
وثانيها: قراءة المخطوطة، قراءة متأنية ومتأملة وفاحصة، تتغيا أمورا تشارك بأهميتها في صرح التحقيق وبنائه وهي أربعة:
1- مقارنة المخطوطة الأم مع نسخة أو نسخ من مخطوطات الكتاب بحسب ما يتوفر منها. لتحديد الفوارق بينها، زيادة ونقصانا وفي ما قد يظهر من اختلاف في بعض التعابير والتبويب والهوامش، وما يضارع ذلك أو يترتب عليه.. واعتماد الأصح والأصلح والأكثر كمالا واكتمالا وإفادة وتناسبا مع موضعه أو موضوعه في النسخة التي ستخرج إلى المطبعة، ثم إلى المكتبات والناس.
2- استفادة التمرس والدربة على طريقة الناسخ وأسلوبه في رسم الحروف والكلمات.. وهذه مسألة ليست من البساطة بحيث يمكن تجاوزها والتهاون بها، بل لا تقل أهميتها عن أي عنصر آخر من عناصر التحقيق؛ ذلك أن اختلاف طريقة رسم الحروف والكلمات في المخطوطات العربية فيما قبل قرن إلى قرنين فما فوق عنها اليوم.. هو اختلاف كبير وواسع.
أولا: من حيث مصطلحات رسم الحروف.
وثانيا: من حيث العجم (ضبط الحروف بالنقط)، الذي أصبح جزءا لا ينفصل عن الأحرف، بينما نجده في المخطوطات لا يكاد يبين ولا يمكن الاعتماد عليه في التمييز بين الحرف ونظائره، أو بين المعجم والمهمل في المخطوطات اليمنية القديمة. وهذا يسبب كثيرا من الخطأ في قراءة الكلمات مصحفة أو محرفة أو بلا معنى، مما يحتاج إلى كثير تأمل وفحصة، وأحيانا العودة إلى المراجع من نظائر المخطوطة للتأكد من رسم الكلمة ومعناها الصحيحين.
صفحه ۲۷