224

انتصار بر علمای شهرها

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ژانرها

فقه

ثم إنا نقول: ما تريدون بقولكم في القليل: إن النجاسة مستعملة باستعماله؟ (هل) تعنون به أنه قد تحقق وصول جرم النجاسة إليه؟ فهذا خطأ، فإنا نعلم قطعا أن قطرة خمر أو قطرة بول وقعتا في قدر القلتين خمسمائة رطل فإنه قليل عندكم، ونحن نعلم قطعا أن جرم النجاسة غير متصل به، وإن أردتم أن جرم النجاسة غير خال عما استعمل من الماء فهذا حاصل في الماء الكثير كالبركة، فإنه لو بال فيها رجل فإنا نعلم أن أجزاء النجاسة فيها، ومع ذلك لم تمنعوا الوضوء منها مع تحققنا لوقوع النجاسة ومخالطتها لها، وإن أردتم معنى ثالثا، فاذكروه حتى ننظر فيه بصحة أو فساد. فبطل ما توهموه.

وأما الكلام على المعيار للمذهب الرابع في حد الكثير بما كان لا تضطرب جوانبه عند تحريك جانب منه والقليل بخلافه. فاعلم أن هذا أضعف مما قبله، وفساده يظهر من وجهين:

أما أولا: فلأن ما قالوه مبني على التحريك والاضطراب والمصاكة لأجزاء الماء، وما هذا حاله فلا مناسبة له بكونه قليلا أو كثيرا؛ إذ لا اختصاص للحركة بالتطهير والتنجيس والقلة والكثرة.

وأما ثانيا: فلأن ما ذكروه راجع إلى قوة الاصطكاك وضعفه وامتداد الماء وقبضه، فكم من ماء يعظم قعره ويكون رأسه ضيقا يضطرب كله عند الضرب وتتحرك أطرافه، ومع ذلك فإنه يعد في الكثرة والعظم، وكم من ماء قليل لا قعر له لسعة أطرافه إذا حرك لم تصطك أطرافه، ومع ذلك فإنه معدود في القلة، فعرف بما ذكرناه أنه لا أثر لهذا الضابط ولا تعويل عليه في قلة الماء وكثرته.

ثم إنا نقول لهم: هذا يختلف حاله باختلاف قوة الضارب، فإذا خف الضرب ضعف الاصطكاك مع كونه قليلا، وإذا قوي الضرب عظم الاصطكاك وإن كان كثيرا فهذا لا يعول عليه، فحصل من مجموع ما ذكرناه ضعف هذه الضوابط كلها، وإذا كانت فاسدة كما قررناه وجب التعويل على ما أشرنا إليه من أنه لا قليل هناك نجس إلا ما كان متغيرا بالنجاسة، فأما من غير تغير فلا وجه للحكم بنجاسته كما أشار إليه القاسم.

صفحه ۲۲۹