216

انتصار بر علمای شهرها

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ژانرها

فقه

الانتصار: يكون بإبطال ما اعتمدوه وهو التقرير الثاني في بيان الجواب عن ما أوردوه من الأدلة على نجاسته، وقد تمسكوا بما حكيناه عنهم من الظواهر، الآي القرآنية والأخبار المروية والأقيسة المستنبطة، وقد عارضناها بما تلوناه من الآيات ورويناه من الأخبار وقررناه من علل الأقيسة، وليس بعد الانتهاء إلى هذه الغاية إلا التصرف الأصولي، إما العمل على تساقطها لما كانت متعارضة، والعمل على دليل آخر، وإما ترجيح أدلتنا على أدلتهم، فهذان تصرفان:

التصرف الأول: وهو القول بالتساقط، فإذا حكمنا بتساقط الأدلة من الجانبين جميعا وجب الرجوع إلى الأصل وهو طهارة الماء؛ لأنه هو الأصل، والحكم عليه بالنجاسة إنما يكون بعارض يعرض له كما رجعنا إلى البراءة الأصلية عند تعارض الأدلة الشرعية المعتبرة، وهكذا هاهنا يجب ما قلناه من الرجوع إلى طهارته، وهو مطلوبنا.

التصرف الثاني: وهو الترجيح لأدلتنا على أدلتهم، فنقول: ما أوردوه من الظواهر إنما سيقت لأغراض أخر غير ما نحن بصدده، كقوله تعالى: {إنما الخمر والميسر}[المائدة:90]. وقوله تعالى: {والرجز فاهجر}[المدثر:5]. وهكذا ما أوردوه من الأخبار مسوقة لمقاصد مخصوصة، فتناولها لهذا الماء يضعف من جهة كونها مسوقة لبيان غيره، بخلاف ما ذكرناه من الآيات والأخبار فإنها مسوقة لبيان غرض التطهير، كقوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا}[الفرقان:48]. وقوله تعالى: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به}[الأنفال:11]. وهكذا حال الأخبار التي رويناها فإنها مسوقة من أجل غرض التطهي لا لغرض سواه، كقوله عليه السلام: (( خلق الماء طهورا))، وقوله: (( الماء لا يجنب)). وقوله: (( الماء لا ينجس)). إلى غير ذلك من الأخبار المؤدية بالتصريح بالمقصود، فلهذا كان التعويل على ما كان صريحا دون ما ليس صريحا.

صفحه ۲۲۱