206

انتصار بر علمای شهرها

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ژانرها

فقه

وثالثها: التفرقة بين الملحين، فإن كان بحريا لم يمنع التطهر به، وإن كان جبليا فهو مانع للتطهر به، وهذا هو المختار كما مر تقريره؛ لأن ما كان بحريا فهو ماء في الأصل فينزل منزلة الثلج إذا ذاب(¬2)، وإن كان جبليا منع من التطهر، لأنه بمنزلة الأشياء الطاهرة إذا كان الماء متغيرا بها في منع التطهر به، وقال الشافعي في (الأم): والقطران(¬1) يجوز التطهر به، ثم قال بعد ذلك: إنه مانع من التطهر به.

والمختار فيه: تفصيل نشير إليه وهو أن ما كان اتصاله بالماء على جهة المخالطة فإنه مانع من التطهير، وما كان اتصاله بالماء على جهة المجاورة فإنه غير مانع للطهارة.

ووجه التفرقة التي ذكرناها: تكون إما باعتبار حالين: وهو أن القطران جنس واحد خلا أنه ربما اشتد اتصاله بالماء حتى صار مخالطا فلهذا منع التطهر به، وربما لم تشتد مخالطته فكان مجاورا فجاز التطهر به.

وإما باعتبار جنسين، وهو أن من القطران ما يرق فيخالط وربما غلظ فكان مجاورا.

والحجة في ذلك: هو أنه إذا صار مخالطا فالمخالطة مخرجة له عن اسم الماء، وإذا صار مجاورا فالمجاورة لا تخرجه عن صفة الماء، فلهذا كان الاعتبار في جواز التطهر وعدمه، إنما يكون بالمخالطة والمجاورة كما أوضحناه.

مسألة: كل ما جاز التطهر به من الأمواء جاز إزالة النجاسة به عندنا، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والشافعي وأصحابه، ودليله ما مر فلا نعيده. وكل ما تزال به النجاسة من المياه فإنه يجوز التطهر به عند أئمة العترة، وهو محكي عن الشافعي وأصحابه.

والحجة على ذلك: هو أن كل واحد منهما طهارة تراد للصلاة تعبدية لا يعقل معناها فكانت مقصورة على الماء لما حكيناه من الظواهر الشرعية خلافا لأبي حنيفة وأصحابه فإنهم زعموا إزالة النجاسة بغير الماء مما يكون قالعا مزيلا لها كالخل واللبن، والتطهر بنبيذ التمر ليس من جهة كون طهارة الحدث معقولة المعنى عندهم، كما زعموه في طهارة النجاسة، ولكنه جائز بتخصيص الخبر له، ولهذا قصروه على نبيذ التمر دون غيره من الأنبذة، فصارت الأمواء الطاهرة على ثلاثة أضرب نفصلها:

صفحه ۲۰۹