188

انتصار بر علمای شهرها

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

ژانرها

فقه

وله تأويل، وهو أنه إنما قال: نبيذ تمر. جريا على عادة العرب في نبذهم في الأمواء تميرات تجتذب ملوحته وتطيبه؛ لأن الغالب الملوحة في أمواء الحجاز، فلهذا قال: نبيذ تمر، من أجل ذلك أجابه الرسول بقوله: (( تمرة طيبة)). جريا على ما هو المألوف من عادات العرب في ذلك كما أشرنا إليه، فإطلاق اسم التمرة والماء من جهة صاحب الشريعة صلوات الله عليه، فيه دلالة ظاهرة على أنهما لم يتغيرا عما هما عليه من صفة المائية والتمرية؛ لأن إطلاق اسم الماء والتمر على ما تفاحش تغيره وزال عن صفته يشابه إطلاق الماء على المرق والعصيدة وهو محال لا وجه له.

ثم إنا نقول: إنه لم يجر من عادة العرب أنهم يستصحبون الأنبذة في أسفارهم إذ لا حاجة لهم إليها، وإنما يستصحبون الأمواء لحاجتهم إليها في المفاوز، فلا وجه لاستصحاب ابن مسعود النبيذ في السفر، وفيه دلالة وأمارة قوية علىأن ما كان في إداواته إنما هو الماء المنبوذ فيه تمرات لا غير.

لا يقال: لو كان في إداوته ماء لم يكن لنفيه للوضوء [معنى] لما سأله الرسول : ((هل معك وضوء))؟ فقال له: لا، لأنا نقول: هذا فاسد، لأن الحجة إنما هي في كلام صاحب الشريعة دون كلام ابن مسعود، فلا حجة فيه، وقد قال: (( تمرة طيبة وماء طهور)). ولعله إنما نفى الماء الذي يتوضأ به اعتقادا منه أن كل ما خالطه الطاهر ولم يغير شيئا من أوصافه فإنه لا يجوز التوضؤ به، فبطل ما توهموه.

التقسيم الثالث: باعتبار مايفعل التطهر من أجله:

والذي يحدث التيمم له منقسم إلى: فريضة ونافلة.

فأما الفريضة، فمنقسمة إلى ما يكون واجبا على الأعيان كالصلوات الخمس، وإلى ما يكون وجوبه على الكفاية كصلاة الجنازة، وهكذا صلاة العيدين على رأي من يجعلهما فرضا، إما على الكفاية وإما على الأعيان كما سنقرر الخلاف فيهما ونوضح المختار بمعونة الله تعالى.

ثم ما كان واجبا على العين، منقسم إلى ما يكون قضاء وهو الذي فات وقته فأدي بالتطهر، وإلى ما يكون وقته باقيا، وهو المؤدى، هذا كله تقسيم في حق ما يكون واجبا مما يكون مؤدى بالتيمم.

وأما النافلة: فهي على وجهين:

أحدهما: أن تكون تابعة، وهذا نحو ركعتي الظهر وسائر الرواتب التي للصلاة المفروضة.

صفحه ۱۹۱