يروى عن علي بن الحسين أنه قال (^١):
يا رُبَّ جَوْهرِ عِلْمٍ لو أبوحُ به ... لقيل لي: أنتَ ممَّن يعبد الوَثنا
ولاسْتَحَلَّ رجالٌ مسلمون دَمِي ... يَرَوْنَ أقبحَ ما يأتُونَه حَسَنا
فإذا كانت هذه طرقَ هؤلاء الذين يدَّعون من التحقيق وعلوم الأسرار ما خَرَجوا به عن السُّنة والجماعة، وزعموا أن تلك العلوم الدينية أو الكونية مختصَّةٌ بهم فآمنوا بمجملها ومتشابهها، وأنهم مُنِحُوا من حقائق العبادات وخالص الدِّيانات ما لم يُمْنَح الصَّدرُ الأول حفَّاظُ الإسلام وبدورُ المِلَّة، ولم يتجرَّؤوا عليها (^٢) بردٍّ وتكذيب، مع ظهور الباطل فيها تارةً وخفائه أخرى= فمن المعلوم أن العقلَ والدينَ يقتضيان أن جانبَ النبوَّة والرسالة أحقُّ بكلِّ تحقيقٍ وعلمٍ ومعرفةٍ وإحاطةٍ بأسرار الأمور وبواطنها، هذا لا ينازعُ فيه مؤمنٌ، ونحن الآن في مخاطبة من فيه إيمان.
وإذا كان الأمرُ كذلك فأعلمُ الناس بذلك أخصُّهم بالرسول وأعلمُهم بأقواله وأفعاله، وحركاته وسَكَناته، ومَدْخَله ومَخْرَجه، وباطنه وظاهره، وأعلمُهم بأصحابه وسِيرته وأيامه، وأعظمُهم بحثًا عن ذلك وعن نَقَلَتِه،