مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ [الشورى: ٥٢، ٥٣]، وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣].
وقال عبد الله بن مسعود: «خَطَّ رسولُ الله ﷺ خطًّا، وخَطَّ خطوطًا عن يمينه وشماله، ثم قال: «هذا سبيلُ الله، وهذه سُبُلٌ على كلِّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه»، ثم قرأ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ (^١).
وإذا تأمَّل العاقلُ الذي يرجو لقاء الله هذا المثال، وتأمَّل سائرَ الطوائف من الخوارج، ثم المعتزلة، ثم الجهمية والرافضة، ومَن أقربُ منهم إلى السُّنة من أهل الكلام، مثل الكرَّامية والكُلَّابية والأشعريَّة وغيرهم، وأن كلًّا منهم له سبيلٌ يَخْرُجُ عمَّا عليه الصحابةُ وأهلُ الحديث، ويدَّعي أن سبيله هو الصوابُ= وجدتَ أنهم المرادُ بهذا المثال الذي ضربه المعصومُ الذي لا يتكلَّم عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى (^٢).
والعجبُ أن مِن هؤلاء من يصرِّحُ بأن عقلَه إذا عارضه الحديثُ ــ لا سيَّما في أخبار الصفات ــ حَمَل الحديثَ على عقله، وصرَّح بتقديمه على الحديث، وجعله ميزانًا للحديث!