24

رد عليها: «لن أوقع أبدا. وإذا سمحت لي، أود أن أخبرك أن طلب توقيعي في حد ذاته إهانة. إذا استصدرتم العفو عنه فستحولونني أنا إلى قاتل؛ لأني سأقتله عند إطلاق سراحه ولو بعد عشرين عاما. تتحدثون عن التنكيل الجماعي به حتى الموت، ولكن ما تفعلونه الآن هو الذي يدفع إلى ارتكاب ذلك الجرم. يبدو أن الناس كلهم مؤيدون لك الآن، عار عليهم، لكن جريمة القتل التالية سيتبعها تنكيل جماعي حتى الموت إذا نجحتم اليوم في مسعاكم.»

تنهدت السيدة وهي تترك بوين، وبث فساد الطبيعة البشرية في نفسها كآبة متوقعة.

كانت عائلة بريور ثرية وذات نفوذ. وكان وراء ابنها الحي كثير من الداعمين، في حين لم يكن وراء ضحيته القتيلة من طالبي القصاص إلا قلة. انهالت على الحاكم عرائض التماس العفو من كل أرجاء الولاية. ورغم صلاح الرجل، كانت عيناه ترنوان إلى إعادة انتخابه، ولم يعرف ما عليه فعله. لو كان لأحد أن يخبره بدقة رياضية عدد الأصوات التي سيكتسبها أو سيفقدها إذا أقدم على هذا الأمر أو ذاك، لاتضح له المسار الذي سيسلكه، لكن مستشاريه أنفسهم لم يكونوا متيقنين مما يجب فعله. خطأ واحد في أمر بسيط كهذا يكفي لخسارته الانتخابات. دارت بعض الشائعات بأنه سيخفف الحكم إلى السجن مدى الحياة، ثم دحضت تلك الشائعات.

دفع الناس بأن السجن مدى الحياة عقاب كاف للشاب، وبدا دفعهم هذا عادلا، لكنهم جميعا كانوا يعرفون في صميم قلوبهم أن تخفيف الحكم لن يكون سوى بداية لمعركة، وأن الحاكم الجديد سيتعرض لضغوط كبيرة للعفو عن الشاب.

لم يبدر عن الحاكم أي رد فعل حتى العشرين من سبتمبر. وعندما كان بوين ذاهبا إلى عمله في ليل هذا اليوم، صادف رئيس الشرطة.

وسأله: «هل صدر أمر بالعفو عنه؟» هز الرجل رأسه نافيا وحزينا. لم يكن قد سبق له إعدام رجل شنقا، ولم يرد أن تكون هذه هي البداية.

وقال: «كلا.» ثم أردف: «وحسبما سمعت بعد ظهيرة اليوم من غير المحتمل أن يصدر أي عفو. قرر الحاكم في نهاية المطاف أن القانون لا بد أن يأخذ مجراه.»

قال بوين: «يسعدني سماع ذلك.»

قال الآخر: «لكنه لا يسعدني.»

بعد الساعة التاسعة ، انقطعت البرقيات تقريبا، وجلس بوين يطالع صحيفة المساء. وفجأة وردت برقية إلى المكتب وتسلمها بوين. واستخدم آلية الكتابة الميكانيكية ليدونها دون أن يفهم مفادها، لكنه ما إن قرأها حتى هب واقفا وأخذ يطلق اللعنات. أجال نظره بغضب في الغرفة ثم أطلق تنهيدة ارتياح عندما أدرك أنه لم يكن فيها سواه هو والساعي الذي كان يغط في النوم في إحدى أركانها واضعا قبعته على عينيه. رفع البرقية مجددا وقرأها وهو يصر أسنانه:

صفحه نامشخص