١ - باب كيف كان بدءُ الوحي إلى رسول الله ﷺ -
قال (ح): قوله: "فَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِيءٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا ... الخ" كذا الأصوِل الصحيحة ليس فيه: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله" فساق الكلام على ذلك، إلى أن قال: وإن كان الإِسقاط منه فالجواب عنه ما قال الحافظ أبو محمّد علي بن أحمد بن سعيد في أجوبة على البخاريّ ما ملخصه.
أحسن ما يجاب به هنا أنّ البخاريّ قصد أن يجعل لكتابه صدرًا يستفتح به على ما ذهب إليه كثير من النَّاس من استفتاح كتبهم بخطبة تتضمن معاني ما ذهبوا إليه من التأليف، فكان ابتداؤه بنية رد علمها إلى الله تعالى، فإن علم منه أنّه أراد الدنيا أو عوض إلى شيءٍ من معانيها فسيجزيه بنيته ونكب عن أحد وجهي التقسيم مجانبة للتزكية الّتي لا يناسب ذكرها في هذا المقام (٣).
قال (ع): فإن قيل لم اختار من هذا الحديث مختصره ولم يذكر مطوله هنا
قلت: لما كان قصده التنبيه على أنّه قصد به وجه الله وأنّه سيجزيه بحسب نيته ابتدأ بالمختصر الذي فيه إشارة إِلَّا أنّ الشخص يجزى بقدر نيته، فإن كانت نيته وجه الله تعالى [بالثواب] والخير في الدارين، وإن كانت نيته وجهًا من وجوه الدنيا فليس له حظ من الثّواب، ولا من خير الدارين، وحذف الجملة الأخرى فرارًا من التزكية (٤).
_________
(٣) فتح الباري (١/ ١٥).
(٤) عمدة القاري (١/ ٢٢).
1 / 12