انتکاس مسلمانان به بتپرستی: تشخیص پیش از اصلاح
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
ژانرها
والباعثي والناس قد رقدوا
حتى أتيت حليلة البعل
قامت حروب الفتن الإسلامية على اعتقاد كل فريق بصوابتيه المطلقة، فيخوض حربا صفرية ضد الطرف الآخر، وكانت الحرب الصفرية إبادة تامة بمعنى الكلمة، وهو ما تمثل في إبادة بيوت بأسرها كما في أبشع مثال مخز في تاريخنا إبادة آل بيت الرسول حتى قتلوا الأطفال الرضع، ثقافة أكلت بيت مؤسسها، وتمثلت أيضا في حروب الفتوح حيث تمت إبادة ممالك بأسرها مثل مملكتي الغساسنة والمناذرة اللتين انتهتا من الوجود في الجغرافيا وفي التاريخ، وكانت ممالك عربية، لا فارسية، ولا رومية.
حرب العربي إما كل شيء، وإما لا شيء، من النهر إلى البحر ولو فني الجميع؛ لأنه لا يرى الآخر مطلقا ولا حق لهذا الآخر في الحياة، فهذه مفاهيم حديثة لم تكن قد وجدت في القرن السابع الميلادي بعد في مجتمعات البداوة، التي لم تعرف لا قوانين روما ولا فلسفة الأخلاق اليونانية ولا ديمقراطية أثينا، ولم توجد في بلادنا حتى اليوم لأننا ما زلنا نعيش في القرن السابع الميلادي بعد، بل حولنا بلادنا إلى القبلية العنصرية الطائفية المتناحرة، زيادة في الإخلاص حتى نعيش المكان نفسه والزمان نفسه عند خير القرون. وبقيم ذلك الزمان، وهي القيم التي تحتاج إلى دراسة متأنية مستفيضة؛ لأنها الموجه لسلوك المسلم اليوم وتصرفاته، وتقف وراء تفكيره وأهدافه، لبحث مدى تأثير هذه القيم إن إيجابا أو سلبا، في عملية الهدم والبناء الضرورية في عملية الإصلاح المرتقبة.
تعجب اليوم في العراق - الذي عشقته كمصر وتيمت به وبأهلي وناسي هناك - إذ أخذه أهلي وناسي (ليمزقوا نياط قلبي) إلى نفق الطائفية المظلم، فعاثوا في عراقنا فسادا وسفكوا الدم البريء، في فتن جديدة تقوم على فتاوى جديدة ترى كل منها ذاتها الكمال كله وعداها الباطل كله، عادوا قبائل متفرقة بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يصبحون بنعمته إخوانا.
مصر القديمة تحولت إلى بلد حضاري مستقر متماسك منذ ما يزيد على سبعة آلاف عام، ولم يكن فيها إسلام هو الحل، وأيضا لم تحدث فيها تلك الفتن بين أهلها وبعضهم، لم تحدث في مصر حرب أهلية واحدة في أزمنتها القديمة. هنا الفارق الثقافي الذي تصنعه البيئة مع الإنسان جنبا إلى جنب، ليبرز الفارق القيمي بين قيم الاستقرار وقيم التبدي. كذلك كان العراق، فمن اسمه اشتق اللسان العربي معنى «العراقة»، ومع الغزو الحقيقي التتري التكفيري للعراق، آتيا من السعودية ومصر وإيران وسوريا والجزائر واليمن، بعد سقوط الطاغية، وكل بفتواه، وكل قد حول الرأي إلى قول مقدس، فتقدست الفتوى إلى حد يباح فيها دم الذي لا يأخذ بها فهو من الكافرين، إن سنة نبي الأمة كان فيها ما إن لم نأخذ به لم نأثم، فجاءنا فقهاء آخر الزمان بفتاوى قاطعة الثبوت والدلالة قاطعة الصحة واليقين، دون أن يشيروا إلى مصدر قدسيتهم التي تعلو على صاحب الوحي جبريل وعلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟! فتاوى تصل إلى قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق؛ لأنهم يرون الحق كله معهم وحدهم.
ما الذي سيترسخ في ذهن الطفل الصغير عندما يتعلم ويحفظ الآيات القائلة:
أرأيت الذي يكذب بالدين * فذلك الذي يدع اليتيم * ولا يحض على طعام المسكين (الماعون: 1-3).
إن معنى الدين في الإسلام هو الإسلام وحده، وإن الذين لا يؤمنون بهذا الدين، هم الجفاة القساة غلاظ القلوب، إنهم يدعون اليتيم، بل وزيادة على هذه الخشونة في الضمير هم أشرار، فهم لا يكتفون بدع اليتيم، إنما لا يتداعون بينهم بالنصح والإرشاد لإطعام المسكين. إن فهم هذه الآيات منزوعة من سياقها الزمكاني التاريخي والموضوعي في أحداث الأرض زمن الدعوة، هو فهم سطحي سريع، وليس في وقت المسلم اليوم أمام المكتبة الإسلامية الهائلة كما وكيفا ما يجعله يبحث عن السياق وعن التاريخ، هو في حاجة لمختصر مفيد بسيط، يكرره الفقهاء ويصدقه العوام، وهو أن غير المسلم بلا أخلاق وبلا إنسانية، بل إنه من البديهيات لمن يعلن أنه مسلم، أنه بالضرورة وبالتلازم القسري صاحب قيم أخلاقية رفيعة، ألا ترون عبد المنعم أبو الفتوح القطب الإخواني ذائع الصيت في حوار معه على شبكة إسلام أون لاين، يقول متسائلا مستغربا مندهشا مستنكرا: «كيف يتصور أن يكون هناك أخ مسلم يدعو الناس إلى الصدق والأمانة، ثم يكون في سلوكه وأعماله صورة سيئة ضد الصدق والأمانة؟!»
صفحه نامشخص