انتکاس مسلمانان به بتپرستی: تشخیص پیش از اصلاح
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
ژانرها
وهذا التردد والتقدم والتراجع يشير بوضوح إلى أن الشعب المسلم ما عاد متأكدا من شيء، ولا مقتنعا بما يفعل، فلو كان يفعل عن إيمان بما يفعل ما غير ولا بدل دون براهين واضحات على سلامة اختياراته أو عدم سلامتها، ودون أن يجيب نفسه بوضوح عن دور هذه القطعة من القماش في تقدمه وإنجازه وتميزه بين الأمم أم هي عكس ذلك.
إن شعبا يقولون له اخلع، فيخلع، ويقولون له البس، فيلبس، هو شعب قد تم محو شخصيته، شعب آخر غير شعبنا التاريخي العظيم، فشعب الصحوة الإسلامية المصري شعب مسلوب الإرادة وخاضع للأوامر التي لا تحمل إقناعا ولا دليلا على جدواها لأمنه وسلامته وتقدمه، وهو الشأن المخيف الذي استجد على هذا الشعب العظيم، هنا الرعب العظيم! فماذا حدث يا شعب؟!
المعلوم أن ظاهرة كالحجاب والنقاب لا تظهر فجأة كالبركان أو الزلزال، ولا هي حادثة بيجو غير متوقعة؛ لأنه شأن يعني مجتمعا بأسره؛ لذلك هو لا يظهر ويختفي عشوائيا، ولا بد له من برنامج عمل مدروس لممارسة آلية الظهور والاختفاء، لا بد له من عمل وتخطيط مرحلي وإعداد انتقالي إلى الهدف الاستراتيجي النهائي؛ وهو ما يعني أن هناك إرادة مقتدرة تقف وراء هذا البرنامج ولها أهدافها وأدوات تثقيفها أو بالأحرى تدجينها للأرواح والعقول؛ ومن ثم سيكون السؤال: من هو صاحب هذه الإرادة المقتدرة؟ وما هي أهدافه مما يعمل؟
فنحن نعلم بوضوح الأسباب والأهداف والنتائج التي كانت وراء دهس النقاب بأحذية جداتنا وأمهاتنا في شوارع مصر وميادينها زمن النهضة، وكان برنامجنا علمانيا علنيا في دولة مدنية ذات مؤسسات حديثة وأحزاب قوية في نظام برلماني يتم فيه تبادل السلطة بإرادة شعبية، أهدافه وطن يجمع أفراده وطوائفه وملله ونحله وأجناسه وعناصره، بعقد اجتماعي يقفون فيه جميعا على التساوي حقوقا وواجبات، ويربطهم برابط المصلحة المشتركة بينهم. وأساسه المتين هو قدسية الوطن وعلم الوطن (ملحوظة: اتركوا العلم مرفوعا ولا تجعلوه مناسبة كروية)، حيث يعيش الجميع على اختلافهم تحدوهم مصالحهم المشتركة. كان الهدف اقتباس النظام الغربي المتفوق رغم وجود المستعمر المكروه على تراب الوطن. لكن شعبنا أمكنه أن يفرق بين المشاعر كالحب والكراهية، وبين المصالح التي دعته لاستخدام مناهج المتفوقين ليتفوق مثلهم. باختصار كان زمن 1919م قرارا مصريا مجتمعيا للحاق بقافلة الحداثة والأمم المتقدمة في دولة مدنية دستورية برلمانية مؤسساتية.
السيدة فاطمة الزامل السبهان القويعي، تولت الحكم بتفويض من كبار الجماعة في حائل عام 1911م حتى 1914م. وكانت حينها وصية على حفيدها الأمير سعود العبد العزيز الرشيد.
العجيب أن يعود النقاب والحجاب إلى الأمة وهي مهزومة وفي حضيض الأمم وبحاجة إلى تنفس هواء الحرية للخروج من مستنقع المتخلفين ، ومن هزيمتها الحضارية المنكرة؟!
لن تكون عودة هذه الظاهرة مفهومة مع حالنا الذي يزري بنا وبتاريخنا، إلا إذا كان صاحب البرنامج يقدمها للناس كآلية تفوق، بحسبانها وسيلة ارتقاء بحالنا المخزي إلى حال أرقى، والمطالع لشعارات الشوارع في بلادنا سيعلم فورا أن العودة إلى النقاب هي عودة إلى صحيح الدين، لنرضي ربنا فيرضى عنا وينصرنا على القوم الكافرين! هو الإفلاس الكامل من أي حلول يملكها أصحاب الصحوة، وشعور الناس بعدم القدرة على التغيير، وخسارة المصري لروحه التواقة ونكتته الناقدة اللاذعة التي اختفت مع الصحوة بدورها، أوصلوا المصريين إلى القناعة بأن الأعداء لا يقدر عليهم إلا الله بنفسه.
وأصابت الصحوة ذاكرة شعبنا بالتلف، فما عاد يذكر أننا جربنا الحجاب والنقاب زمن السلاجقة والعثمانلية والمماليك ولم يصنع تقدما ولا أدى إلى حضارة ولا صنع رقيا قيميا، بل أدى إلى انهيار كارثي بما صاحبه من سلوكيات من لزوم ما يلزم، وانتهى بضعف الوطن كله مما سمح باستعمار البلاد من الصليبيين مرة ومن الاستعمار الحديث مرة.
الواضح لأي عقل صاح أو حتى غافل، حجم المليارات التي تم ضخها من الخزائن النفطية لتضخيم ونشر الصحوة، وكم البيزنس التجاري الهائل من بنوك وبيوت أزياء وتجارة سلاح، التي استثمرت، عبر المساجد والمدارس والجامعات والصحف والإذاعة والتلفاز، هو مشروع هائل التكلفة إذا قارناه بما صرفه الاتحاد السوفييتي بجلال قدره خلال القرن الماضي بطوله لنشر أيديولوجيته، فكان ما صرفه من دعم لحلفائه في العالم ونشر مبادئ ثورته وتسليح أنصاره بالطائرات والصواريخ سبعة مليارات دولار، بينما بلغ ما صرفته السعودية لتصدير وهابيتها وصحوتها منذ هزيمتنا في 1967م حتى عام 2000م أي خلال ثلاثين عاما فقط زهاء سبعين مليار دولار، ومثل هذا الصرف الهائل في هذه الفترة الوجيزة يفترض بالضرورة أن وراءه عقلا يخطط، وأن هذا التخطيط له أهداف وعائدات تفي وتزيد بربحيتها عما تم صرفه، فلا بد من عائد ومكاسب وربح وفير، فمثل هذه الأموال بأرقامها الهائلة المهولة لا تهدر في مغامرة ومقامرة، خاصة عندما تجده لا يترك فرصة لشراء أي موقف وسد أي ثغرة واستثمار أي فراغ لملئه بالأموال للسيطرة الوهابية الكاملة.
أسوأ ما في الأمر كله هو استجابة شعب بحجم الشعب المصري ليخضع لأوامر ونواه، ويقبل الخضوع والخنوع والانزلاق إلى حفرة العصور الوسطى المظلمة، دون أن تحميه مناعته التاريخية التي كانت درعا واقية له عبر تاريخه الطويل، عن هذا السقوط المدوي، ليخلع ويلبس ويأكل وينام ويتكلم ويسكت وينكح ويتبول ويتغوط ويحب ويكره بأوامر ونواه وأدعية وفتاو دون أي براهين واضحة لعائدية هذه الطاعة على الوطن والمجتمع. (2) البعد السياسي
صفحه نامشخص