- والجواب عن قولهم في النفع الذي يجري للعبد بعد موته: (أن ما عداها لا يتحصل له منه شيء، وإلا فلا فائدة لهذا الحصر) هو أن نقول: إن هذا الخبر يفيد أن بقايا أعماله تنقطع، وليس فيه أن عمل غيره لا يصل كما قلنا في قوله: ((انقطع عمله إلا من ثلاث))، ونحن نضيف إليها زيادة بطريق تصلح للزيادة والإضافة كما زدنا على قوله سبحانه وتعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير}: ((كل ذي ناب [من السباع] وكل ذي مخلب من الطير)) بخبر، وقياسا على [ما] تضمنه خبر الواحد. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا وضوء إلا من صوت أو ريح)). زدنا فيه بأدلة أخرى ما ينقض ويوجب الوضوء، كذلك هاهنا زدنا بعد الاستثناء جميع ما ورد عن الشارع في مثل خبر الاستثناء. وقد قال سبحانه: {من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها}، وقال في آية أخرى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم}، وقال في الأخرى: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}، وكذلك الحديث في الصحيحين: ((إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعملها، فإذا عملها كتبتها له بعشرة أمثالها، وإذا تحدث عبدي بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها، فإذا عملها كتبتها له واحدة أو أغفرها له)). والتبديل والتكفير وقوله: ((أو أغفرها)) خلاف ظاهر قوله: {من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها}، وهذا عدل، وذلك فضل، قال الله تعالى: {ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله}. وفي الحديث: ((إن الرجل ليرفع الله له الدرجة لا يبلغها عمله ويتوج بتاج لا تقوم له الدنيا، فيقول: يا رب!
صفحه ۸۳