انسانگرایی: مقدمهای بسیار کوتاه
الإنسانوية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
ثالث اختلاف يفترض البعض أنه يبرر تعامل الدولة مع المعتقدات الدينية معاملة مختلفة هو أن المعتقدات الدينية كثيرا ما تشكل جزءا من «هوية» الشخص على نحو لا تقوم به المعتقدات الأخرى، وفيها معتقداته السياسية. يعرف الناس أنفسهم على أنهم مثلا مسيحيون أو مسلمون أو يهود أو هندوس، وغالبا ما يشعرون بتقارب قوي مع أبناء دينهم الآخرين كثيرا ما يسمو فوق أي اختلافات في العرق والجنسية وما إلى ذلك (بالطبع هذا غير صحيح بالنسبة إلى كل الأديان، لكنه صحيح بالنسبة إلى بعضها). وفي المقابل، إن العضوية في الحركات أو الأحزاب السياسية نادرا ما تكون جزءا مهما من إحساس المرء بهويته الأساسية على النحو نفسه بأي درجة (إلا أنها في ظل أنظمة شمولية معينة قد تكون كذلك).
لا شك في أن شخصا تربى على حضور الشعائر الدينية بانتظام، ويسافر كي يؤدي الحج في أماكن أخرى، ويتخطى مجتمعه الديني الحدود الوطنية، وتعكس ملابسه و/أو حليه التزامه العميق بدينه، ويقتطع من وقته كل يوم للقراءة في الموضوعات المرتبطة به، ويحفل منزله بالمعلقات ذات الصلة من أيقونات وصور، وربما يحمل جسمه علامات دائمة تدل على عبادته؛ هو شخص أصبح هذا الالتزام بالنسبة إليه جزءا لا يتجزأ من إحساسه بهويته الأساسية. لكن هل هذا البعد العميق المشكل للهوية يبرر منح الدولة معاملة خاصة؟ بالطبع لا، فإن كانوا مشجعين متعصبين لنادي مانشستر يونايتد، فإن كثيرا منهم ستنطبق عليه المعايير أعلاه. ومرة أخرى، لم ينبغي معاملة الالتزام الديني معاملة مختلفة ؟
إن بعض المتدينين يكونون ملتزمين التزاما شديدا بدينهم، بحيث يصبح جزءا من إحساسهم بهويتهم، لدرجة أنه من المحتمل أنهم يحملون تعرض هذا الدين للنقد أو التهكم على محمل شخصي جدا؛ ونتيجة لذلك، قد تثور ثورتهم، بل ربما يقومون بأعمال عنيفة.
ومن ثم، يجب على منتقدي المعتقد الديني أن يتوخوا الحذر حيال القالب الذي يصوغون فيه نقدهم. ويجب عليهم ألا يشغلوا أنفسهم بتهكم أو هجوم لا طائل كليا من ورائه والهدف الوحيد منه هو مضايقة المتدينين المتحمسين. ومع وضع النتائج المتوقعة لهذا الفعل في الاعتبار، فهو يعد فعلا غير مسئول على نحو واضح.
ولكن هذا لا يستتبع أن تكون الدولة نفسها مبررة في تجريم نقد المعتقد الديني أو التهكم عليه. فلا يزال النقد - وكذلك التهكم والمحاكاة الساخرة والاستهزاء والهجاء الشديد - مهما. والحقيقة أن السخرية كثيرا ما يكون الهدف من ورائها هو الإهانة التي لا طائل منها، لكنها قد تتخذ أيضا شكلا فنيا عظيما، يقدم لنا الحقيقة بطرق أخاذة ومتبصرة (خذ على سبيل المثال، أعمال جوناثان سويفت الساخرة).
في كل الأحوال، منع التهكم بالمعتقدات الدينية على أساس أن من يعتنقونها من المحتمل أن يلجئوا للعنف ردا على هذا التهكم في أغلب الظن يشجع الناس على اللجوء للعنف عند الهجوم على معتقداتهم. والمغزى هنا: «لتثر ثائرتك وتمارس العنف، وحينها ستمنع الدولة الناس من التهكم على معتقداتك أيضا، أيا كانت هذه المعتقدات.» وهكذا، سيتم حظر كافة أعمال سويفت الساخرة، اللهم إلا تلك الموجهة إلى معتقدات أشخاص أقل حدة في طباعهم.
والاقتراح الرابع، وأكثرها حنكة إلى حد ما بشأن السبب وراء أن الدولة ينبغي أن تمنح المعتقدات الدينية وضعية خاصة، هو أن الحقوق والحريات التي نتمتع بها في المجتمعات الليبرالية الحديثة نبعت، ووجدت مسوغاتها في الأصل، من وجود إطار وقيم دينية، وأنه إن لم يوجد دعم مستمر وواضح لهذا الإطار وتلك القيم، فستزداد احتمالات تعرض هذه الحقوق والحريات للتهديد. وإليكم، على سبيل المثال، الفيلسوف البريطاني روجر تريج يعبر عن قلقه في هذا الشأن في كتابه «الدين في الحياة العامة»:
كحقيقة تاريخية، نشأت معايير المجتمع الغربي من خلفية مسيحية ... والباعث على احترام مختلف المعتقدات، وإعلاء قيمة حرية الفرد، يجب تشجيعه علنا، وإن كانت الآراء الدينية هي التي أفرزته في الأصل، فسيقفز السؤال: إلى متى سيظل هذا الاحترام دون دعمها الواضح؟
لاحظ أن هذه صورة أخرى من الاحتكام إلى «رأس المال الأخلاقي» المتناقص، المولد دينيا، على غرار ما عرضناه في الفصل الرابع، فنحن نعتمد على إرث ديني؛ إرث إن لم يجر دعمه، فسينفد في النهاية، مع احتمال أن يكون لذلك عواقب كارثية.
لا يزعم تريج أن كل مجتمع ليبرالي يقتضي دعما دينيا كي يستمر؛ فهو يزعم زعما أبسط مفاده أن تلك المجتمعات الليبرالية التي كان لها أساس ديني في الأصل معرضة للخطر إن فقدت هذا الأساس. ويرى تريج أن هذا سبب وجيه للحفاظ على الأساس الديني. ويضيف:
صفحه نامشخص