الإنصاف للبطليوسي

ابن بطلیوسی d. 521 AH
78

الإنصاف للبطليوسي

الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الاختلاف

پژوهشگر

د. محمد رضوان الداية

ناشر

دار الفكر

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٤٠٣

محل انتشار

بيروت

قد لبست وَرب رجل عَالم قد لقِيت فتقلل مَا لبست من الثِّيَاب وَمن لقِيت من الْعلمَاء تواضعا ليَكُون أجل لَك فِي النُّفُوس لِأَن الرجل اذا حقر نَفسه تواضعا ثمَّ اختبر فَوجدَ أعظم مِمَّا وصف بِهِ نَفسه عظم فِي النُّفُوس واذا تعاظم وَأنزل نَفسه فَوق منزلتها ثمَّ اختبر فَوجدَ أقل مِمَّا قَالَ استخف بِهِ وَهَان على من كَانَ يعظمه وَقد يسْتَعْمل تقليل الشَّيْء وَهُوَ كثير فِي الْحَقِيقَة لضروب من الْأَغْرَاض والمقاصد كَالرّجلِ يهدد صَاحبه فَيَقُول لَا تعادني فَرُبمَا نَدِمت وَهَذَا مَكَان يَنْبَغِي أَن تكْثر فِيهِ الندامة وَلَيْسَ بِموضع تقليل وانما تَأْوِيله أَن الندامة على هَذَا لَو كَانَت قَليلَة لوَجَبَ أَن يتَجَنَّب مَا يُؤَدِّي اليها فَكيف وَهِي كَثِيرَة فَصَارَ فِيهِ من معنى الْمُبَالغَة مَا لَيْسَ فِي التكثير لَو وَقع هَهُنَا وَمن هَذَا قَوْله تَعَالَى ﴿رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين﴾ وانما تَأتي رب بِمَعْنى التكثير فِي مَوَاضِع الافتخار وَالْوَجْه فِي ذَلِك أَن المفتخر يُرِيد أَن الامر الَّذِي يقل وجوده من غَيره يكثر وجوده مِنْهُ فيستعير لفظ التقليل فِي مَوضِع لفظ التكثير اشارة الى هَذَا الْمَعْنى وليكون أبلغ فِي الافتخار

1 / 106