تقريب معتقده من اللغة بقوله: المؤمن من اعتقد الحق وأعرب عنه بلسانه وصدقه بعمله. فجعل التصديق من حظ العمل حتى يتم له أن من لم يعمل فقد فوت التصديق الذي هو الإيمان لغة، ولقد أوضحنا أن التصديق إنما هو بالقلب ولا يتوقف وجوده على عمل الجوارح، فما يحقق معتقد أهل السنة أن من آمن بالله ورسوله ثم اخترم قبل أن يتعين عليه عمل من أعمال الجوارح فهو مؤمن باتفاق وإن لم يعمل، وأصدق شاهد على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام " إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى إذا لم يبق بينه وبينها إلا فواق ناقة عمل بعمل أهل الجنة فكتب من أهل الجنة " وإنما مثل عليه الصلاة والسلام بفواق الناقة لأنه الغاية في القصر، ومثل هذا الزمان إنما يتصور فيه القصد الصحيح خاصة، ومع ذلك فقد عده من أهل الجنة، وإنما يدخل المؤمن الجنة باتفاق الفريقين، والأدلة على ذلك تجرد كون الشرط فيه شطرا. أقول: تفسير الفاسق بغير مؤمن ولا كافر كما هو مذهب المعتزلة غير موجه، والشئ الذي هو لم يصرح به لا يجب علينا تصريحه وتعريفه، فإن عندنا أيضا من أخل بالعمل فهو فاسق.
صفحه ۱۲۹