انصاف
الإنصاف والتحري في دفع الظلم والتجري، عن أبي العلاء المعري
ژانرها
وأخبرني بهاء الدين أبو إسحاق إبراهيم بن شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد قال: أخبرني أبي قال: أخبرني جدي أبو المجد محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، قال: كان ظهر بعرة النعمان منكر في زمان صالح بن مرداس. فعمد شيوخ البلد إلى إنكار ذلك المنكر، فأفضى إلى أن قتلوا الضامن بها، وأهرقوا الخمر وحافوا (¬1) ؛ فجمعهم إلى حلب، واعتقلهم بها، وكان فيهم بعض بني سليمان. فجاء الجماعة إلى الشيخ أبي العلاء وقالوا له: إن الأمر قد عظم، ولم يعرفه صالح، ثم قال له: السلام عليك أيها الأمير. الأمير أبقاه الله كالسيف القاطع، لان وسطه وخشن جانباه (¬2) ، وكالنهار الماتع، قاظ وسطه وطاب جانباه (¬3) ، {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}. فقال له: أنت أبو العلاء؟ فقال: أنا ذاك. فرفعه إلى جانبه، وقضى شغله، واطلق له من كان من المحبسين من أهل المعرة. فعمل فيه -قال: قال لي أبي: قال لي جدي: وأنشدها أبو العلاء لنفسه (¬4) -:
ولما مضى العمر إلا الأقل ... وحان لروحي فراق الجسد
بعثت رسولا إلى صالح ... وذاك من القوم رأي فسد
فيسمع مني هديل الحمام ... وأسمع منه زئير الأسد
فلا يعجبني هذا النفاق ... ... فكم محنة نفقت ما كسد
كذا ذكر لي بهاء الدين أبو إسحاق أنه سار إلى حلب. وما أظن أن أبا العلاء بعد رجوعه إلى معرة النعمان من بغداد خرج عن المعرة. ولهذا سمى نفسه ”رهن المحبسين“.
وقد قرأت هذه الحكاية في تاريخ سيره إلي بعض الهاشميين بحلب، لأبي غالب همام بن الفضل بن جعفر بن المهذب، قال:
صفحه ۹۱