فأظهر نادر أغا أنه يهم بذلك، فصاح المضحك: «أمان أفندم! أمان!»
فأشار بالعفو عنه وهو يضحك، وقال: «قد عفونا الآن عن أنفك، وأما بعد الآن فلن نعفو!»
فقال: «الأمر لولي النعم، إذا أراد أن يقطعني إربا إربا فهو صاحب الأمر. ولكن لا يخلو كبر الأنف من فضيلة، فإن بين أصحابه من يتفانى في رضى جلالة البادشاه، وفيهم من يعشقه ويتمنى الموت تحت قدميه.»
فتبدلت سحنة السلطان من المجون إلى الجد، وأومأ إلى الحضور أن ينصرفوا إلا علي أفندي، فذهبوا جميعا وظل هذا منتظرا يحسب لهذه الخلوة ألف حساب.
فلما انفرد السلطان به أومأ إليه أن يقعد بين يديه، فقعد على العتبة جثوا وأطرق ولبث ينتظر ما يكون، فالتفت السلطان يمنة ويسرة ولما تأكد خلو الحديقة من الناس التفت إلى المضحك وقال له جادا: «انزع عنك المجون وخاطبني.»
فأظهر الجد والاحترام وقال: «أنا عبد مولاي البادشاه وطوع إرادته.»
قال: «أنت تعلم منزلتك عندي.»
قال: «يا سيدي، إن نعم أمير المؤمنين قد غمرتني وأنا أخلص عبيده له.»
قال: «هذا عهدي بك، ولا شك أنك تعرف اعتمادي عليك.»
فقبل الأرض وقال: «نعم أفندم، وهذا شرف لي.»
صفحه نامشخص